ملتقى الثلاثاء يحتفي بالسنعوسي بعد فوزه بالتشجيعية

«ساق البامبو» رؤية وجودية.. ونقد اجتماعي لاذع
 
 
مهاب نصر


عيسى، أم هوسيه مندوزا ؟ انهما «الاسم المزدوج» للشخص نفسه، الذي تشكل هويته المزدوجة (كويتي/ فلبيني) أزمته الوجودية، أو على الأقل تفتح الباب على هذه الازمة.
هذا هو المسار الأساسي لرواية سعود السنعوسي «ساق البامبو» التي فازت أخيرا بجائزة الدولة التشجيعية، بعد أيام من دخول الرواية ذاتها القائمة الطويلة للروايات المرشحة لجائزة بوكر العربية، لتكون الرواية الكويتية الاولى التي يحظى بها التكريم.
احتفاء بالرواية والراوئي كانت جلسة ملتقى الثلاثاء، التي استضافت الروائيين إسماعيل فهد إسماعيل وعبدالرحمن حلاق، وإبراهيم فرغلي وقدم لها القاص شريف صالح.

امتازت الورقتان اللتان قدمهما فرغلي وحلاق بالعمق والاحاطة بجوانب العمل الروائي من حيث البناء والرؤية، كما قدم شريف صالح بعض الملاحظات العامة، واتكأ الروائي الكبير إسماعيل فهد إسماعيل على الصلة الشخصية التي تربطه بالسنعوسي كأحد ابنائه الروائيين ليقدم رؤيته الخاصة لتطور رحلة السنعوسي مع الكتابة الروائية وما تتسم به شخصيته من دأب وحب للاطلاع الواسع.
تحدث اسماعيل فهد عن بداية معرفته بالسنعوسي من خلال مقال نشر له بالقبس، حيث أبدى إعجابه بأسلوبه النقدي، وعقب قراءته لروايته الاولى «سجين الرمرايا» اعتبره أقرب للناقد منه الى الروائي، غير أن هذا الرأي تغير مع رواية «ساق البامبو» وأبدى اسماعيل فهد إعجابه بالتوازن الذي اتسمت به الرواية الأخيرة التي جمعت بين بيئتي الكويت والفلبين. كما أشاد بذكاء اختيار السنعوسي للعنوان الذي، برأيه، أضاف إلى العمل الروائي.

سؤال الهوية

جاءت ورقة الروائي إبراهيم فرغلي بعنوان «سؤال الهوية والمواطنة والانفتاح على الآخر». أشار فرغلي عبر قراءته الى نجاح السنعوسي في عبر اختيار سارد الرواية وبطلها الممثل لثقافتين، في تقمص البيئة الفلبينية وتراثها الثقافي وفي «الوقوع على نبرة صوت خاصة، لكنها صادقة لهذا افرد الذي لا يعرف العربية لكنه يعي الانتماء الى ثقافتها بشكل ما، المسيحي الذي لا يعرف الاسلام، لكنه يعي الانتماء اليه على نحو ما».
وقال فرغلي إن «الرواية تقدم تشريحا اجتماعيا مفصلا للمجتمع الكويتي، وتقدم لمحات من أبرز المحطات التاريخية التي شهدها المجتمع الكويتي في تاريخه المعاصر، وترصد الفارق بين مجتمعين كان الاول يبدو أكثر تسامحا وانفتاحا معه، ثم مجتمع آخر متشكك في كل شيء، منغلق على ذاته، وتقدم نقدا اجتماعيا لاذعا للمجتمع الكويتي في الفترة التي أعقبت الغزو» كما تكشف الرواية بحسب فرغلي عن القيود التي يضعها البشر على بعضهم بعضا بسبب الميراث القبلي أو العائلي.
واختتم فرغلي ورقته بالاشارة الى سمة الانفتاح التي تؤكدها الرواية ومفهوم التسامح، بالاضافة الى طرح أسئلة الهوية من منطلق يعيد فك العقد الطائفية والقبلية.

قلق وجودي
 
«القلق الوجودي» كان عنوان الورقة التي قرأها الروائي عبدالرحمن حلاق، والتي اجتهدت في المطابقة بين البنية الروائية للعمل انفتاحا وانغلاقا، وبين الصراع الوجودي للبطل.
فهناك عالم «الام» التي تحاول الحفاظ على ميراث الامتياز العائلي، وما يلحقه من امتياز معنوي ومادي ومن ثم تشكل بينية مغلقة لحماية العائلة متبنية نظرة اقصائية مستعلية تأسست على تقاليد وأعراف مشوهة بالاساس. وهناك عالم «عيسى/ ميرلا» الذي يمثل عالما لبنية جديدة، عبر تبني عيسى لمفاهيم جديدة من شأنها أن تشكل النقيض من التشوه النفسي والاجتماعي آنف الذكر.
واعتبر حلاق أن الصراع الدائر في الرواية هو صراع بين مفاهيم وليس صراعا بين أشخاص، يعكس بحسب تعبيره «تفاعلات حادة في مرجل التاريخ».
من حيث البناء الروائي المح حلاق الى الطريقة الذكية التي تعامل بها السنعوسي مع السرد الروائي من خلال «الراوي المشارك» لكسر عادية السرد الواقعي، كما أشار إلى ما أسماه «تقنية توالد الحكايا» التي كعنصر تشويقي، وكذلك الى ذكاء اختيار العنوان، حيث إن نبات البامبو هو نبات «بلا ذاكرة» كونه يستطيع التأقلم في أي مكان، إشارة الى هوية بطل الرواية ذاته.

قراءة أولية

ثلاث ملاحظات قدمها شريف صالح على الرواية، أولها يتعلق بالحيلة الروائية، حيث أسند السنعوسي الرواية إلى هوزيه مندوزا (الذي كتب اسمه على الغلاف الداخلي وكأنه مؤلف الرواية)، وهو ما يحيل مفهوم «المؤلف الثاني» وهو ما يعطي للنص بعد توثيقي.
وقال صالح ان بنية الاجزاء الخمسة التي تشكل الرواية تماثل مراحل حياة الانسان، وأن العمارة الروائية في «ساق البامبو»، رغم ما توحي به من تعقيد، توافق العمارة الكلاسيكية للاعمال الروائية الكبرى. وهناك حرص في الرواية على إشباع الوصف دون إملال، وان رأى صالح أن الاختزال كان أجدر في بعض المواضع من الرواية.

ما وراء الرواية

«مع كل شخص حضر اليوم سقطت كلمة مما كنت أعده» هكذا بدأ السنعوسي حديثه، توجه السنعوسي بالشكر إلى ملتقى الثلاثاء والروائي اسماعيل فهد اسماعيل والحضور. ثم تناول جزئية من روايته هي جزئية العلاقة بالاخر، وتحدث عن خبرته الشخصية، من خلال وظيفة شغلها، اتاحت له العمل مع أجناس مختلفة، وهو ما فاجأه بصورة مغايرة عن الذات «تلك التي نحملها لأنفسنا»، وهي تختلف برأيه عن تلك التي ترددها الاغاني. وهو ما دفعه الى السؤال أيُّنا نحن: الصورة التي نراها، أم مايراه علينا الآخر، أم صورة بين النمطين؟ وهكذا جاءت الفكرة وراء «ساق البامبو».

 
المصدر:

 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدينة الأحلام

هلا فبراير .. إلى من يهمه الأمر!

كيف تغني الكويت من دون صوتها؟