"ساق البامبو".. رواية تتحدث عن الإنسان بالدرجة الاولى!

بقلم: ضجر


"لماذا كان جلوسي تحت الشجرة يزعج أمي.. أتراها كانت تخشى أن تنبت لي جذور تضرب في عمق الأرض ما يجعل عودتي الى بلاد أبي أمرا مستحيلا؟"


سعود السنعوسي- رواية ساق البامبو
 
 

 سعود السنعوسي.. هذا الشاب.. المختلف..
ما زلت منبهره كيف استطاع ان يلاحظ كل هذه الحياة و يكتسب تفاصيل حزنها و وجعها رغم صغر سنه، كأم و لأني -ولسبب ما أجهله- أرى في سعود ابني، أشعر بضيق لأني أود لهذا الشاب الثلاثيني أن يتستمع بالحياة أكثرو أن يخفف قلقه الانساني لصالح الجنون والحب والفرح، لكن حين قرأت روايته شعرت بالفخر الكبير به وتفهمت أين تكمن متعته.
كقارئه أبتعد دوماً عن قراءة الروايات التي تركز على البيئة الاجتماعية فقط، أبحث دوما عن الرواية التي تحمل بيئتها ولكن تتعمق أيضا بالجانب الانساني بها، بمعنى حين قرأت مثلاً رواية الجميلات النائمات وفتنت بها لم يكتف "كواباتا" بشرح بيئة اليابان وانما غار في نفسية الشخصية الرئيسية وجعلني أتواصل معه إنسانياً، لذا شعرت بالقرب من هذا البعيد هناك في اليابان .
هكذا فعل سعود في رواية ساق البامبو، تجاوز البيئة الكويتيه والفلبينيه وجعلني أتواصل إنسانيا مع هوزيه ميندوزا بطل الرواية، الرواية حتماً أخاذه لأنها تحمل قصة موجعة، قصة الكثير من البشر الذي حين ينظر للأخر يقف عند حاجز الهوية ويتعسف في أن يتقدم خطوة واحدة للأمام ليتجاوز الهوية ويعرف الإنسان الذي يحملها .
الرواية تتحدث عن طفل ولد من أم فلبينية وأب كويتي، أم مسيحية و أب مسلم، عانا من الرفض والاختلاف في كلا الثقافتين، دون أدنى ذنب له ودون قدرته على استيعاب أسباب حكم الناس عليه، أتفهم جداً استيعاب سعود للبيئة الكويتية وتفاصيلها و لكني أجد نفسي منبهرة بقدرته على ايصال البيئة الفليبينة إليّ بهذا القدر من التفاصيل. لكني لا أستغرب لأني في رواية سعود الاولى "سجين المرايا" لم أستطع فصل سعود الروائي عن بطل الرواية حتى اني شعرتهم شخص واحد وهذا يدل على قدرة الكاتب في أن يقنعنا بأن ما يكتبه يخصه جداً، أجد نفسي في روايته الثانية أكاد أجزم بأن سعود بالفعل يعرف بالواقع شخص ما يحمل نفس وجع هوزية ميندوزا .
يبقى أن اقول نعم نضج سعود بشكل مبهر ما بين الرواية الأولى والثانية رغم أن الفاصل الزمني بين الروايتين قد لا يتجاوز السنة، فقد كانت لغته أكثر رشاقة وملاحظاته ليست فقط جميلة، وإنما ذكية جدا،ً كما انني من أنصار التفاصيل، فوجدته في هذه الرواية يمنحني الكثير من التفاصيل التي ترضي فضولي كقارئة، وأتساءل ترى ما الذي سيقدمه لنا في الرواية المقبلة.
رواية سعود السنعوسي الجديدة رواية دسمة وجميلة ومشبعة، أنصح بشده بقراءتها لأنها لا تحمل فقط البيئة الكويتية بعاداتها وعيوبها وإنما تحمل وجعاً انسانياً سيتعاطف معه القارئ سواء كان من اليابان أو من أمريكا اللاتينية، لأنها تتحدث عن الإنسان بالدرجة الاولى.
وأخيراً كنت دوماً أقول فرق كبير ما بين الرواية و الأدب.. وأعتقد أن سعود أدرك الفرق بين الاثنين واستطاع أن يقدم لنا رواية تندرج تحت بند الأدب
أنصح بشدة بقراءتها..
ستجدونها حتماُ في معرض الكتاب.

 
نشرت في:
Facebook

 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدينة الأحلام

هلا فبراير .. إلى من يهمه الأمر!

كيف تغني الكويت من دون صوتها؟