المشاركات

عرض المشاركات من 2016

وارث لغة البحر

صورة
تصوير: Kheridine Mabrouk البحر أجمل ما يكون لولا شعوري بالضياع لولا هروبي من مدينتي الظمأى وخوفي أن أموت عريان في الأعماق أو في بطن حوت إني أحاذر أن أموت (*)            وحده البحرُ يشبه البحرَ في بلادي، مُذ كان ومُذ كانت. يطلُّ من الشرق، يحملُ الشمسَ فوق أمواجه كلَّ نهار، قبل أن تتلقَّفها الصحراء وتُغيِّبها في الطرف الآخر البعيد. وحده البحر ضدّ أي ثابتٍ صامتٍ متواطئ باستسلامه لنا، ضد أن نغيِّره وقتما شئنا. وحده بهدير موجه يصيُح بنا مذكِّرا بأنه لا يقبل إلا أن يكون البحر، مهما غيَّرنا الحياة وغيَّرتنا على ساحله. لا يرضى بغير اسمه، ولا يحمل اسمًا جديدًا شأن الشوارع والمناطق والأبراج التي تتبرأ من أسمائها  وهويّاتها كلِّ موسم، تتَّخذ أسماءً بديلة، يصير السوق القديم مجمَّعا تجاريًا، والمدرسة مؤسسة حكومية، ويستحيل البيت العربي ذو الردهات برجًا سكنيًا. أماكن جديدة. وليدة. تتركنا بذاكرة معطوبة بلا تاريخ ولا ذاكرة ولا هوية.      أنا ابن اليوم. ابن جيلٍ لا يعرف عن البحر عدا ما أنصتَ إليه في حديث الجدَّات وحكاياتهن. أحنُّ إلى ما لم أعِشه يومًا إلا في ذاكرةٍ موروثة. الأ