المشاركات

عرض المشاركات من يناير, ٢٠١١

ما بيني.. وبيني

صورة
متران وتسعة وعشرون عامًا سعود السنعوسي:      كان يوم جمعة، الساعة تشير إلى الواحدة والنصف صباحاً. يكاد الظلام أن يبتلع المكان لولا النور المنبعث من المصباح المعلق في زاوية الغرفة. والنوم، يجلس في زاوية أخرى، إلى جانب الخزانة، يترقب استسلامي له، بعد أن جاوزت الساعة موعده المعتاد. فوق سريري أضطجع، على جانبي الأيسر، وإلى جانبي، فوق السرير، يستلقي دفتري هذا مفتوحاً بانتظار كلماتي التي سأرسمها على صفحاته كالوشم. أمامي، على يسار السرير، تستند صورة قديمة. الصورة بالحجم الطبيعي لطفل في عامه الأول يجلس على الأرض، ممسكا بقلم. وكأنه يجلس على أرض غرفتي، فالصورة تستند على جدار الغرفة، فيما إطارها السفلي يلامس الأرض. لا وجه للشبه بيني وبين الصورة سوى الدهشة المرسومة على وجهينا، والقلمين اللذين نمسك بهما بين أصابعنا. تفصل ما بيني وبين الصورة مسافة مترين، وزمن يقارب التسعة والعشرين عاماً. أتجاوز المسافة بنظري لأرى وجه ذلك الطفل في الصورة، ثم أغمض عينيّ، والنوم في زاوية الغرفة يهم باحتضاني لولا قلمي ودفتري المفتوح، والتعبيرات التي احتلت ملامح وجهي. نبّهني الطفل، في الصورة، إلى سنوات عمري التي

كيف تغني الكويت من دون صوتها؟

صورة
شادي وسناء والديكان.. افتقدناكم سعود السنعوسي: كان يحدوني أمل في أن تشهد احتفالات البلاد في عيدها الخمسين عودة صنّاع الأغنية الوطنية من جديد، ليسجلوا للتاريخ وللأجيال القادمة ملاحم شبيهة بالتي ساهمت بتشكيل هويتنا الوطنية قبل أعوام، حين كنا أطفالا. وكنت متأكدا من أن هذه المناسبة لن تمر من دون أن نسمع صوت الكويت الذي اعتدناه. كنت كمن يجلس على شاطئ البحر يرقب وصولهم بعد غياب، الموسيقار غنام الديكان خلف الدفّة، ويظهر من خلفه العملاقان شادي الخليج وسناء الخراز يزفون خبر عودتهم: «ها نحن عدنا ننشد الهولو على ظهر السفينة.. ها نحن عدنا ننشد الهولو عدنا للمدينة.. ها نحن عدنا يا كويت إلى شواطيك الأمينة، وقلادة من شوقنا لك. من أمانينا الدفينة». ولكن خبر استبعاد العمالقة الذي قرأته في القبس قبل أيام، كان قد باعد المسافات بين شواطئنا والسفينة، لتظل الأغنية الوطنية الكويتية ناقصة، ونفوسنا على غياب صنّاعها حزينة. لست أكتب هذا الموضوع للتقليل من شأن الجهود التي تُبذل في كل عام للتحضير للأوبريتات الغنائية الوطنية، فالأعمال التي تابعناها في السنوات الأخيرة ناجحة بكل المقاييس، ولكنها وقتية، لا صدى

غفوة

صورة
قصة قصيرة سعود السنعوسي: أخي الحبيب ،، هل تسمعني؟ هل تقرأ كلماتي؟ وهل من جسرٍ لا يزال يربط بيننا بعد أن تقطعت بنا السبل؟ وهل من ساعي بريد يملك صلاحية المرور بين عالمينا المختلفين يحمل إليك رسالتي هذه؟ أخي الحبيب ،، ان كنت تسمعني، تقرأني، أو تشعر بي، أرجوك سامحني، فالقرار لم يكن بيدي هذه المرة، وأنا الذي ما أقدمت على شيء في حياتي من دون أن أخبرك، لأنك أخي الوحيد و.. أبي. * * * وُلدتُ بعد وفاة والدي، وما رأيت أبا سواك، رغم اننا، أنت وأنا، كنا ننادي والدتي: يمّه! فقد كان من اليسير عليّ أن أتصور ان والدتي هي جدتّي، لأنها والدتك، وأنت .. كما أنت دائما .. أبي. ومن غير المعقول أن تكون والدتي هي والدة أبي في الوقت نفسه! لم أفكر قط أنك أخي الذي أنجبته أمّي قبلي بسنوات. كبُرَت أبوّتك لتشمل أمّنا بعد ذلك، لنصبح، أمي وأنا، أخوة، حين أصبحنا نناديك بـ«يُبه»! أي مسؤولية ألقتها عليك الأيام لتصبح أبا وأنت في السابعة عشرة لأخ يصغرك بسنوات ليست بقليلة، ولامرأة في الأربعين؟ كم أفتقدك، ولا أريدك أن تأتي إلى هنا، بل أتمنى أن أكون إلى جانبك هناك! «اصحى.. اصحى» كنت تردد دائما، بعدما ابتليتُ بذلك