المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٠

أوقفوهم!

صورة
سعود السنعوسي: الفن، بشكل عام، إذا كان حقيقيا، وإذا وظّف بشكل صحيح، يصلح ما تفسده اختلافاتنا، على أنواعها، السياسية أو الدينية أو الفكرية، وحتى لا يرى البعض مبالغة في رأيي، سأقول، ان الفن وإن لم يصلح ما أفسدته تلك الاختلافات، فانه، على أقل تقدير، يصرف انتباهنا عنها ليجعلنا نتفق على شيء واحد وهو الإبداع. فكوني مسلما لا يمنعني من أن أبدي إعجابي بالأشكال الفنية التي تزيّن جدار كنيسة ما، ولا أرى ما يمنع المسيحي من أن يقرأ رواية لكاتب بوذي، كما ان المعارض الفنية والمسارح ودور الأوبرا تستقطب متذوقي الفن على اختلافاتهم الدينية والسياسية والفكرية. وإذا ما جئت للحديث عن الفن والسياسة، فلا أجد مثالا أقرب من واقعنا قبل سنوات قليلة، فرغم سنوات القطيعة بين الكويت والعراق، بعد الغزو، فانك تستطيع، دون جهد، أن تلاحظ دور الفن رغم القطيعة التي دامت سنوات، سواء في حفلات عبدالله الرويشد في جرش والتي تغص بالجماهير العراقية، أو في حفلات كاظم الساهر في أوروبا ومصر والإمارات والتي كانت تغص بالجماهير الكويتية، تلك الجماهير المتذوقة للفن، والتي جاءت من أجل الفن، دون تفكير في أمور أخرى. ليس الأمر محصورا في

وقت وعدّى والعمر بس هذا حدّه

صورة
سعود السنعوسي: ارتبط اسمها في مخيلتي بأيام لا يمحوها الزمن، أيام الطفولة المبكرة، حين كان جدي لوالدتي ينتهز فرصة حضوري في «زوارة الخميس» من كل أسبوع ليجلسني بقربه، وكنت لا أتجاوز الخامسة آنذاك، كان يسكت الجميع معلنا بدء وصلتي الغنائية الأسبوعية، لأنطلق مرددا: «رفرف يا علم بلادي .. فوق السهل والوادي»، كان ذلك يتكرر كل أسبوع، وسط ضحك الأهل واندهاشهم لأدائي الحركي والتعابير التي تحتل وجهي أثناء الغناء. لم يستمر ذلك طويلا، فقد أصبح الأمر عاديا لا يلفت انتباه أحد سوى جدي بسبب تكرار المشهد ذاته كل أسبوع. أزعجني انصرافهم عني، رغم عدم وجود منافس، ولأنني، ورغم صغر سني، كنت أعرف ان التكرار يصرف الجمهور عن الفنان، فقد اخترت نمطا آخرا للغناء، لألفت الانتباه إلى موهبتي من جديد. جهز لي جدي مكانا بقربه كعادته، لأنطلق بعدها مسلطنا مبهرا الجميع: «انت بديت انت تتحمل .. والا نسيت ان الزمن ضدك تحوّل؟» تضج الصالة بالضحك، ثم أشير إلى عينيّ بإصبعيّ الصغيرين: «من الأول وأنا عيوني تشوف» واضعا كفي الصغيرة على صدري وتعابير الأسى تحتل ملامحي: «من الأول وقليبي يتحمل» لأختم بعد ذلك: «وتبيني بالصبر هم أتجمل؟ تبدل

نورة .. والمدينة الحلم

صورة
قصة قصيرة بريشة: آن غوفن سميث سعود السنعوسي: وقفت أمام البحر هناك، لا يفصل بيني وبينه سوى باب زجاجي، وبضعة أطفال يلهون فوق الرمال البيضاء، يبنون البيوت، ويحفرون القنوات المائية وكأنهم يشيّدون مجسما لمدينة أحلامهم. كنت أشاهد المنظر من خلف الزجاج، وكأني أمام شاشة عملاقة، كانت نورة تزيّن واجهات البيوت بالقواقع والصخور البحرية، في حين كان محمد منهمكا بصناعة عجينته الطينية، يقوم بصنع الكرات ويناولها لمريم التي كانت توصلها لناصر وصالح ليقوما ببناء المزيد من البيوت. في تلك الأثناء، يقوم أحدهم بتشغيل جهاز التلفزيون، لم أنتبه له، فكل حواسي كانت مع الأطفال، كنت لا أرى سوى بيوت المدينة ترتفع وتملأ المساحات فوق الشاطئ، وبقع الطين على ثياب الأطفال، ولا أسمع سوى ضحكاتهم ممزوجة بهدير أمواج البحر، تشكل سيمفونية لا تدركها الحروف الموسيقية السبعة. يرتفع صوت المذيع من ورائي، وأحاول أن أصب تركيزي على سيمفونية الأطفال والطبيعة، ويصر ذلك الصوت النشاز على طرق أبواب سمعي ليدخل عنوة مفسدا علي تلك اللحظات التي أنعم بها، ثم .. بدأت الأمور تأخذ منحنى آخر، ارتفع صوت المذيع، أغمضت عينيّ، أخذ يصرخ، وبدأ صوته ير

خنفساء ومكتبة خضراء

صورة
سعود السنعوسي: لا شك ان أطفال اليوم لا يشبهون أطفال الأمس، فهم أكثر ذكاء مما كنا عليه، لا سيما في مجال التكنولوجيا، ولكن، في الوقت الذي اكتسب فيه أطفال اليوم خبرة لم تتح لنا في وقت مضى، نجدهم يفتقدون لما هو أهم، فأطفال اليوم، أكثرهم، يفتقدون البراءة والبساطة التي تميّز هذه المرحلة. أقول ذلك وفي داخلي ما يشبه الحسرة حين أتابع الأطفال من حولي كالآلات الفارغة من المشاعر، يتقاتلون داخل شاشات الكمبيوتر، يحملون أسلحة لا أعرف لها أسماء، يمضون في السير بين الجثث بحثا عن أعداء متخفين خلف الأبنية، أو بحثا عن ذخيرة تضمن لهم البقاء لوقت أطول، وبينما أنا أشاهد تلك الجرائم التي ترتكب على شاشات الكمبيوتر، تشدني ملامح أولئك الأطفال وهم مغيبون تماما عما حولهم، تضغط أصابعهم بشكل تلقائي على أزرار مقابض التحكم، وتنتهي اللعبة المجنونة، في كل مرة، بنفس الطريقة، مهزوم يتطاير الشرر من عينيه متوعدا بالانتقام، ومنتصر تعلو وجهه ابتسامة لا تناسب طفلا، تتسلل من بين شفتيه كلمة: ذبحتك! المشكلة ان تلك الأجهزة، ألعاب الكمبيوتر، والتي لا يكاد يخلو منها منزل، هي في الغالب مكافأة من أولياء الأمور إلى أبنائهم نظير نجاح