أصغر مُرشحينِ في قائمة «البوكر» في حوار مع «النهار»

 
سعود السنعوسي: أعتبر ترشيحي فوزاً لي.. وللأدب في بلادي
 
 
 
 
شريف صالح - النهار
 
الروائي الكويتي الشاب سعود السنعوسي، أصدر روايته الأولى «سجين المرايا» ونال عنها جائزة ليلى العثمان، ثم كانت روايته الثانية «ساق البامبو» التي رشح عنها للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية، وهو أول كويتي يحظى بهذا الترشيح. إضافة إلى أنه من أصغر المرشحين سناً، وهذا إنجاز كبير يحسب له أن يقف نداً لقامات روائية كبيرة. وسبب آخر لإجراء حوار معه، حول الرواية والجائزة، وحرصنا أن تتطابق الأسئلة بينه وبينه زميله المصري محمد عبدالنبي المرشح الآخر ـ الأصغر سناً ـ للجائزة ذاتها. لرصد رؤيتين شبابيتين للكتابة، وما يجمعهما من قواسم مشتركة:. والطريف أنه بعد إعداد الحوارين للنشر، خرج محمد عبدالنبي - كما توقع - فيما واصل السنعوسي المنافسة بدخوله إلى القائمة القصيرة بانتظار اعلان الفائز في ابريل المقبل:


هل توقعت الترشح للبوكر؟ كنت آمل ذلك، ولكن، وبأمانة، يصعب التكهن بأمر الوصول إلى القائمة الطويلة، خصوصا إذا ما وضعنا في الاعتبار عدم معرفة الأعمال والأسماء المشاركة. وربما كانت مفاجأتي كبيرة بسبب وصول بعض الأسماء الشابة، وأنا أحدهم، في قائمة تضم أسماء كبيرة ولامعة في عالم الرواية.

ماذا يعني لك أن ترشح ثاني رواية إلى جائزة مرموقة إلى جانب روائيين مخضرمين؟
لاشك أنه يعني لي الكثير، وقد ذكرت في لقاء سابق عن شعوري إزاء وجود اسمي كشاب في قائمة تضم أسماء كبار المبدعين العرب، بأنه شعور تلميذ يلتقط صورة تذكارية مع أساتذته. وهذا بالضبط ما شعرب به.

البعض يرى أن كتابة الرواية تتطلب نضجاً وخبرات معينة، ليس من السهل أن تتوفر لكاتب شاب في بداية حياته الأدبية.. إلى أي حد تتفق مع ذلك؟
أوافقه تماما، على ألا نضع ارتباطا شرطيا للنضج والخبرة بعدد السنوات، وإن كان ذلك ضروريا بشكل عام، ولكن ليس دائما. سبل البحث والمعايشة كثيرة. وهناك الكثير من التجارب والخبرات الحياتية البسيطة التي يمر فيها العامة، ولكن وحده المبدع المتمكن من أدواته قادر أن يخوض في عمقها، ليخرجها في عمل إبداعي مغاير. الخبرة الحياتية أمر ضروري لا شك، ولكن أمام المبدع الشاب، كما أتصور، سبل كثيرة قد تساعده في تخطي هذا الأمر، أهمها القراءة والمعايشة.

كم من الوقت استغرقت كتابتك للرواية؟ وهل تتطلب منك أجواء أو استعدادات بعينها؟
استغرقت الكتابة عاما كاملا، إلا أن الفكرة ظلت تراودني منذ سنوات، وقد كنت أدون ملاحظاتي أولا بأول. بحثت كثيرا في موضوع الرواية سواء بالقراءة أو السفر، إلى أن وجدتني قد حصلت على كل ما يمكنه أن يخدمني في موضوعي والأهم من ذلك هو إيماني بالقضية التي خضتها. شرعت بالكتابة حينها متزودا بكل التفاصيل التي مررتها في تجربتي، ولم يتطلب مني الأمر، أثناء الكتابة، سوى العزلة.

ومن من الكتاب والروائيين الذي أثر في كتابتك للرواية؟
هذا أصعب سؤال يمكنني أن أجيبك عليه. لا شك أن الكثير من الكتاب تركوا فيّ أثرا بشكل أو بآخر، ربما لو تصفحت كتاباتي على اختلافها تلحظ هذا التأثير، ولكن يصعب عليّ أن أسمّي كاتبا بعينه، فأنا خليط من الكتب التي تضمها مكتبتي، كل الكتب.

تفاعل

أيهم يشغلك أكثر في كتابة الرواية: التجريب والتقنية أم العاطفة الصادقة أم تفاعل جمهور القراء؟
كل هذه الأمور مجتمعة، وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا كما أتصور. يهمني تفاعل جمهور القراء لا شك، بالسلب أو الإيجاب، يهمني أن تحرك روايتي شيئا في داخلهم، أي شيء، يوافقونها أو يرفضونها، لا مشكلة، المهم أن تترك أثرا، وهذا الأثر لا أتصور من السهولة أن يتحقق إلا إذا ما اعتمد الكاتب في كتابته على العاطفة الصادقة والتقنية في الكتابة معا، بالإضافة إلى أمور أخرى أهمها الإلمام بالموضوع. أما في ما يخص التجريب فهو كما أتصور التحدي الأصعب بالنسبة لأي كاتب.

تعتقد أن هذا الترشح سيقيدك نوعاً ما عندما تكتب رواية جديدة؟
ليس تقييدا بقدر ما هو شعور أكثر بالمسؤولية. تصور ان أي إشادة بعملي الأخير تجعلني أتوقف كثيرا عند أفكاري لما هو مقبل، كيف سيكون تأثيره، هذا بالنسبة لإشادة أسمعها من أحدهم، فتصور كيف تكون حالي مع الجوائز وما يصاحبها من ضجة إعلامية تسلط الضوء أكثر على العمل. هي ثقة، والثقة قيد جميل، وأعتقد أنني بحاجة إليه خصوصا إذا ما وضعنا بعين الاعتبار قِصَر تجربتي الأدبية.

معايشة
 
هل تميل إلى التنويع في كتاباتك أم تكتفي بالرواية كشكل وحيد للتعبير؟
أنا أحب الرواية، قراءة وكتابة. وحدها الرواية، كما أتصور، تحمل في طياتها كافة الفنون. الرواية حياة كما أراها، وهي توفر لي ما لا توفره صنوف الإبداع الأخرى. تعجبني القصة القصيرة، وأواجه صعوبة بكتابتها، ولكن القصة ومضة مهما أعجبتني يبقى هناك أمر لا تحققه لي كما تفعل الرواية، وهو تلك العلاقة التي تنشأ بيني وبين شخوصها، المعايشة أثناء القراءة والخوض في تفاصيل الشخصية أمر لا تحققه القصة، كما أعتقد، لأنها تعتمد، في الدرجة الأولى، على الفكرة. بالنسبة لي، كتعبير، ربما مستقبلا أخوض شكلا آخر، إذا ما استدعت الفكرة وإذا ما كنت قادرا على التعبير بشكل أدبي آخر.

برأيك ما هي أبرز الأسماء الروائية في الساحة العربية الآن؟
أبرز الأسماء يعني تلك التي تبرز على السطح، يتداولها القراء وينتظرون جديدها. كثير، كثير جدا، ولك أن تبحث في القوائم القصيرة لجائزة البوكر للسنوات الخمس الماضية لتجد أنهم الأبرز والأكثر رواجا. جاءت إجابتي على هذا النحو عندما كنت على وشك ذكر أسماء أربعة أو خمسة، وبالصدفة تذكرت أنها، جميعها، وصلت قوائم البوكر خلال السنوات الماضية. ولكن الأبرز ليس دائما هو الأفضل.

رواج

إلى أي مدى أفادت البوكر في الترويج للرواية العربية؟
ساهمت بشكل كبير وملفت. مسألة تقييم العمل تعود للقارئ أولا وأخيرا، والجدل الذي يصاحب الإعلان عن النتائج يحسمه القارئ أيضا، فليس بالضرورة أن ترى ما أراه أنا، ولكن، جائزة البوكر حققت الرواج للأعمال التي شاركت بها على مدى السنوات الخمس منذ انطلاقها، بل تجاوز الرواج الأعمال ذاتها ليصل إلى الأسماء. فالفائز في البوكر، أو حتى من يصل إلى القائمة القصيرة، يضمن رواج أعماله السابقة، بل وحتى اللاحقة.

هل لديك ككاتب طقوس معينة أثناء الكتابة؟
غير العزلة.. كثير، ولن أفصح عنها، فلن يفهمها سواي.

حدثنا بشيء من التفصيل عن أجواء روايتك؟ وهل من نقد وجه إليها؟
حتى الآن، ولحسن الحظ، لم أتلق نقدا سلبيا، إلا بما رآه البعض في حجم العمل وعنوانه وشكل الغلاف. العمل سيرة ذاتية لبطل الرواية هوزيه ميندوزا أو عيسى الطاروف، شاب وُلِد من أب كويتي من عائلة مرموقة وأم فلبينية تعمل خادمة، وكما تعرف، لا يمكن لأحد كتابة سيرته الذاتية والحديث عن نفسه منفردا، هناك أشخاص وأحداث وقصص وتفاصيل تشكل لحمة السيرة الذاتية، و«ساق البامبو» أو كما وصفتها أنت في ندوة ملتقى الثلاثاء بـ «سيقان البامبو» هي قصص أناس كثر شاءت الظروف أن تشكل شخصية بطل العمل وقصته ومصيره. هي قصة أناس مهمشين يعيشون بيننا. ولا أبالغ إن قلت بأنها قصة شعب، شعب كامل قليل فيه من يميز بين الخطأ والصواب، ومن يميز فيه الخطأ لا يتورع عن ممارسته طواعية.

في حال لم تفز الرواية بالجائزة.. هل سيغضبك ذلك؟
أنا فزت بمجرد وصولي إلى القائمة الطويلة. قد لا يكون هذ الكلام في صالحي، ولكنني، وبأمانة، أرى أنني حققت شيئا، حققته لي، وللأدب في بلادي، ولكل المبدعين من زملائي الكويتيين الشباب. أطمح للمزيد دون أدنى شك، ولكن عدم الفوز لن يغضبني، إنما عكسه سوف يغمرني سعادة إذا ما اقترن باسم الكويت.

جيل جديد

هل ثمة روايات قرأتها واستغربت عدم إدراجها في الترشيحات؟
لا، وهذا لا يعني عدم وجود روايات تستحق، فأنا لم أقرأ كل الروايات التي صدرت في هذا العام. كما أنني على يقين أن هناك الكثير من الأعمال التي تستحق، وعدم وجودها في لوائح البوكر لا يقلل من أهميتها، لأن لدور النشر وحدها حق الاختيار والمشاركة بالجائزة، وليس بالضرورة أن يكون كل ما تقدمه دار النشر جيدا، والروايات التي تصل إلى قوائم البوكر هي الروايات الأفضل، وفق رؤية لجنة التحكيم، من بين الروايات المشاركة من قِبَل دور النشر، ولكنها ليست الأفضل بالمطلق، لأن هناك الكثير من الأعمال التي تستحق ولكنها لا تشارك في سباق البوكر.

إلى أي مدى يمكن أن يضيف الجيل الجديد إلى فن الرواية العربية؟
إلى المدى الذي أضافه الجيل السابق للجيل الذي سبقه، بل وأكثر بأضعاف، وفقا لمعطيات وقتنا الراهن والسهولة التي تتوافر للكاتب الشاب من حيث الحصول على المعلومة بدون جهد، مقارنة مع أجيال سابقة. كما أن للانفتاح، القسري، على الآخر وتعدد مصادر الاطلاع من شأنها أن تنهض بفن الرواية إذا ما أحسن جيلنا استغلال هذه الفرص التي لم تتوفر لأجيال سبقتنا.

أخيراً، ما جديدك؟
هناك شيء ما.. لم أتيقن منه بعد.


 
المصدر:
جريدة النهار
 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدينة الأحلام

هلا فبراير .. إلى من يهمه الأمر!

كيف تغني الكويت من دون صوتها؟