أردناها منارة .. أرادوها مغارة!

سعود السنعوسي:



بينما كنت أتصفح موقع القبس، الصفحة الثقافية، على الإنترنت، وقبل أن ألمح حرفا واحدا مما جاء في العنوان العريض الذي يتصدر الصفحة، أصدرت سمّاعات الكمبيوتر صوتا ينبّه إلى وجود رسالة جديدة في بريدي الإلكتروني. أخذني الصوت، بعيدا عن القبس، إلى صندوق الرسائل الواردة. كانت رسالة خاصة من أحد الأصدقاء في المغرب، ختمها في الحديث عن الكويت ودورها الثقافي في المنطقة، وعن متابعته وحرصه على اقتناء إصداراتها الثقافية، وعلى رأسها مجلة العربي. كنت أشعر بالانتفاخ مع كل كلمة جميلة تقال في الخارج بحق بلدي، ضعف تأثير الجاذبية، ارتفعت عن كرسي المكتب، بعد أن تملكتني مشاعر جميلة، شعرت وكأني بالون كبير مملوء بالسعادة. وددت لو أحبس أنفاسي في رئتيّ كيلا أطرد شيئا من السعادة الداخلية التي كنت أنعم بها في ذلك الصباح. تركت صندوق الرسائل وعدت إلى خبر القبس، وليتني لم أعد.
كان الخبر دبّوسا عملاقا اخترق جداري، ليفرغ كل ما كنت حريصا على الاحتفاظ به في داخلي، ولأجدني أمام شاشة الكمبيوتر، وبقايا البالون متناثرة حولي. والخبر كما قرأت كان حول اعتذار الروائي السعودي عبده خال عن تلبية دعوة معرض الكويت للكتاب في دورته الـ35. ليس في هذا الخبر ما يدعو للإحباط؟ حسنا، فلنكمل بقية الخبر، فاعتذار الخال جاء: «بعد إعلان إدارة المعرض منع عرض كتب مؤلفين مصريين، ذكرتهم قائمة المعرض وهم: محمد حسنين هيكل، جلال أمين، جمال بدوي، جمال الغيطاني، إبراهيم أصلان، إبراهيم عبد المجيد، خيري شلبي، رضوى عاشور، محمد المنسي قنديل، يوسف القعيد، فهمي هويدي، علاء الأسواني، محمد عمارة، فاروق جويدة، عزت القمحاوي، وإبراهيم فرغلي، وآخرون كثيرون». انتهى الخبر.

سارعت لقراءة الخبر في موقع آخر، ذلك الموقع الذي جاء ذكره في خبر القبس، وبما ان التعليقات باتت جزءا لا يقل عن الأخبار أهمية، لمعرفة آراء وانطباعات القراء، فقد أخذت أقرأ الردود والتعليقات، وإذ بالكويت، في عيونهم، لا تشبه تلك التي أرى في داخلي، صورة مختلفة .. أيهما الحقيقية؟ وأيهما المزّيفة؟ وهل عشقي لبلادي يدعوني للتسليم بكل ما يتخذه المسؤولون فيها من قرارات جائرة؟
كنا نطمح أن تكون الكويت، للثقافة، منارة، وإذ بمن يحوّلها مغارة، مظلمة صامتة، لا صوت فيها ولا صدى سوى صوت أوحد يرتطم بجدرانها، ويكرره الصدى.
كيف سيبدو المشهد الثقافي في الكويت، وإلى أين تتجه الحريات؟ بعد قطع الألسن، وفقء الأعين، وملء الآذان بالطين!

نشرت في:

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدينة الأحلام

هلا فبراير .. إلى من يهمه الأمر!

كيف تغني الكويت من دون صوتها؟