كل يغني على ليلاه ولا عزاء للكويت



سعود السنعوسي:

بعد الأحداث المتشابكة التي مرت بالكويت خلال الأسابيع القليلة المنصرمة، والتي لا تزال تبعاتها قائمة حتى ساعة كتابة هذه الأسطر، تتساءل الكويت: أين هي حصتي من ولائكم؟!
نعم .. يحق لبلادي أن تسأل كي يطمئن قلبها المفطور على أبناءها الذين انصرفوا عنها ليرتموا في أي حضن دون حضنها الذي اتسع لهم ولهمومهم على مر السنين.
مرت أسابيع على قضية تأبين مغنية، ولست بصدد التطرق لقضية اختطاف الجابرية وإدانة المذكور بجريمة اختطافها، فحتى لو لم يكن مغنية متورطا في تلك القضية، ما دخلنا نحن بما يجري هناك، ولماذا كل هذه الحماسة في نصرة من هم في الخارج في حين ان الكويت بأمس الحاجة لمن ينصرها على ما يحاك ضدها في الداخل؟
انتهت - كما يبدو - قضية التأبين وأسدل عليها الستار إعلاميا، وما كدنا نستبشر بعودة الأوضاع إلى وضعها الطبيعي حتى فوجئنا بما يجعل ولاؤنا موضع شك مرة أخرى، فما جرى من أحداث "بوليسية" إثر مداهمات رجال الداخلية لأماكن الفرعيات يجعلنا نعيد النظر في مسألة الولاء للوطن، بعد أن أصبحت مصلحته، بالنسبة للبعض، أمرا ثانويا.
بغض النظر عن التدابير التي لجأت إليها قوات الأمن، والتي كانت بلا شك قاسية بعض الشيء - بنظر المجتمع الكويتي الذي لم يعتد على هذه المشاهد على أقل تقدير - إلا ان المناظر والصور التي طالعتنا بها الصحف والفضائيات كانت أشد وأكثر قسوة. رجال أمن يطوقون المكان .. أفراد القوات الخاصة يصدون هجمات المواطنين .. قنابل دخانية .. مواطنون يمطرون سماء رجال الداخلية بوابل من الحجارة .. وآخرون يلوذون بالفرار!
وماذا بعد؟ بعد أن أوشكت الكويت أن تلامس حدود اليأس بسبب "بعض" أبناءها، استبشرت خيرا بمن سيمثلون الأمة قريبا، ولكن هذا الأمر رغم ما يحمله من أمل، فانه لا يخلو مما يجرها نحو التساؤل مرة أخرى: أين هي حصتي من ولائكم؟ فنسبة ليست بقليلة ممن ينوون خوض الانتخابات ولاؤها أساسا موضع شك، وهم معروفون تماما، فعندما ينجح المرشح غير المؤهل أو الفاسد أو المنصرف عن قضايا الوطن لصالح طائفته أو قبيلته أو طبقته أو تياره السياسي أو مصالحه الشخصية، فهذا لن يجعلنا نلقي اللوم عليه فحسب، بل على الآلاف اللذين أوصلوه لقبة البرلمان، وهنا، سيكون حزن الكويت لا مثيل له إذ ان حصتها من الولاء أصبحت لا تقارن بما يحمله الشعب من ولاء لـ"القبيلة أوالمذهب أوالتيار أوالطبقة".
على أي حال، الوقت لا يزال مبكرا، والفرصة لازالت بين أيدينا لنثبت للكويت ولائنا، فأمل الكويت "فينا" كبير .. وتتمنى إلا نخذلها.

من يكونون ؟

"بدر ناصر العيدان، سيد هادي العلوي، حسين علي رضا، عامر فرج العنزي، خليل خير الله البلوشي، محمد عثمان الشايع، خالد أحمد الكندري، عبدالله عبدالنبي مندني، جاسم محمد علي، مبارك وإبراهيم علي صفر، يوسف خضير علي".
انهم أفراد من مجموعة المسيلة، أو شهداء القرين كما يطلق عليهم.
لا يمر عام منذ تحرير الكويت، دون أن أقوم بزيارة لذلك البيت "بيت شهداء القرين"، سواء برفقة أصدقاء قاموا بزيارة الكويت من الخارج أو برفقة الأقرباء أو الأصدقاء، حتى حفظت ملامحه وملامح أبطاله عن ظهر قلب، وفي السنوات الأخيرة أصبحت زيارة ذلك البيت أكثر متعة، بعد أن تم ترميم جزء منه ليصبح صالة عرض تضم مجموعة من صور الشهداء وبعض الوثائق التي تشرح قصتهم البطولية بالإضافة إلى الذخائر التي استخدمت لمحاربتهم و بعض الملابس التي تحمل اسم "مجموعة المسيلة".
وأشد ما يثير اهتمامي في كل مرة أقوم بها بزيارة هذا المكان، هي لائحة أسماء الشهداء، تلك التي بدأت بها هذه الفقرة، يا لها من توليفة كويتية جميلة تضم مواطنين سنة وشيعة، حضرا وبدوا، كان انتمائهم الأول للوطن، ولم تمنعهم مذاهبهم وأصولهم على اختلافها من التضحية بأرواحهم في سبيل الكويت.
فهل نأخذ العبرة من .. مجموعة المسيلة؟!

نشرت في:
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدينة الأحلام

هلا فبراير .. إلى من يهمه الأمر!

كيف تغني الكويت من دون صوتها؟