سعود السنعوسي: ليس لأي كان سلطة في ما أكتب!

 
حوار: هدى أشكناني - الطليعة
 
ضيفنا روائي شاب تمكن من الولوج لعالم السرد والأدب، عن طريق رحابة قلمه، وتوسع فكره، حصد جائزة ليلى العثمان عن روايته الأولى «سجين المرايا»، وها هي «ساق البامبو» روايته الثانية، رشحت لجائزة البوكر العربية لعام 2013.
التقته «الطليعة»، ليكشف لنا الكثير عن الكتابة والسرد. وكان هذا نص اللقاء:



 
«ساق البامبو»، لماذا البامبو تحديدا؟
- لأسباب عدة.. فأحداث رواية «ساق البامبو» تدور في الفلبين، وسيقان البامبو أو الخيزران، منتشرة جدا هناك، لفتني وجود هذه النبتة في كل الأماكن التي زرتها أثناء التحضير للعمل، حتى أن بعض الأكواخ مشيَّدة بالكامل من هذه السيقان، ولهذا الساق خاصية تميّزه عن غيره من النباتات، حيث يمكننا اقتطاع أي جزء منه وغرسه في أي أرض، وسرعان ما تنبت له جذور جديدة. وهذا بالضبط ما كان يتمناه بطل الرواية عيسى الطاروف/هوزيه ميندوزا، الذي ولد لأب كويتي وأم فلبينية. أراد أن يكون مثل ساق البامبو، يضرب جذوره في أي مكان، متحديا اضطراب هويته بين ثقافتين تختلف إحداهما عن الأخرى اختلافات جمة.
في مكان ما قلت «أنا أكتب كي أحقق ذاتي»، هل تجد الكتابة وسيلة لتحقيق الذات؟ أم انها وسيلة لإنقاذ الذات من كل ما يحتشد؟
- نعم، ليس كالكتابة ما يمكنني أن أحقق ذاتي بواسطته. ربما يختلف الأمر من كاتب لآخر، ولكنني أجد نفسي في الكتابة، هي الوسيلة الوحيدة للتعبير عما يجول بداخلي.. ليس من الضروري أن أقول شيئا للقارئ، يكفيني أن أورطه بأسئلة أعجز عن الإجابة عنها، أو أن أستحيل أداة تعبيرية للآخر، أتقمصه وأصبح لسانه، لأوصل صوته، إن كنت مؤمنا بعدالة قضيته.

مهمة الكاتب

الهوية، كيف يمكن توطينها ومعالجتها كتابة؟
- ليست مهمتي هنا العلاج، وليس من واجب المبدع، كما أتصور، أن يأتي بالعلاج والحلول. مهمتي الإشارة إالى مكمن الخلل، تناوله بعمق، إبرازه وتسليط الضوء عليه.
لو كنت أملك حلولا، لكنت أكتبها مقالات أنشرها في الصحف، ثم ينتهي دوري. العمل الإبداعي أمر مختلف تماما. أنا هنا أكتب واقعا، أصيره ناقوسا ينبهنا من غفلتنا، أو مرآة نرى من خلالها أنفسنا، ربما يترك العمل الإبداعي تأثيرا في نفس المتلقي، ولكن إلى أي مدى ينعكس هذا التأثير على سلوكه؟ وموضوع شائك ومعقد كموضوع الهوية أمر ليس بالسهل على المبدع معالجته، يكفيه أن يشير إليه، يُعرّف الآخر ما لا يعرفه، لربما، إذا ما تعرفنا على ما نجهل، نستطيع أن نجد له حلولا.
الحراك السياسي الأخير، هل له سلطة على ما تكتبه؟
- ليس لشيء أو لأحد سلطة على ما أكتب، سوى قناعاتي الشخصية.
لمن يكتب سعود السنعوسي؟ وعن من؟
- سعود يكتب لنفسه بالدرجة الأولى. لا أبالغ إن قلت بأنني أكتشفني أثناء الكتابة. أواجهني بنفسي، وكل ما تحمله من تناقضات إلى أن أرى بصورة أوضح، بعد ذلك يأتي القارئ الذي أتوق لأن أكرر تجربتي أمامه، أواجهه بنفسه، لعله يرى بصورة مغايرة.
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال، فأنا أكتب عن كل من لديه شيء يقوله.. شيء يجب أن يقال.

قيد جديد

ترشحك لجائزة البوكر عن رواية «ساق البامبو»، وفوزك بجائزة ليلى العثمان عن رواية «سجين المرايا»، ألا تعتقد أنه عبء إضافي يضاف لمهمة الكتابة وأنت في حضرتها؟
- الجوائز وما يتبعها من انتشار ووصول إلى قاعدة أكبر من القراء.. كلها أمور تمثل قيدا بالنسبة لي، ولكنه قيد جميل، لا يزيدني إلا حرصا على ما سوف أقدم عليه مستقبلا.
بأمانة، أنا استفدت كثيرا من هذه الجوائز، وخصوصا أنني في مقتبل تجربتي الأدبية، لقد اختصرت علي طريقا طويلا.. لذا، يجب أن أكون أكثر حذراً، وإن كانت الجوائز تمثل ضغطا بالنسبة لي، فهو ضغط في صالحي بكل تأكيد.
هل تعتقد أن المسافة الزمنية بين إصداريك كافية للسير قدما في طريق الكتابة؟
- يعتمد ذلك على التجربة وعمق المعايشة. أعترف أن الفترة الزمنية بين عمليّ، الأول والثاني، قصيرة جدا، ولكن التجربة كانت مكتملة بالنسبة لي. أنا لم أكتب في أمر جديد، شخوص «ساق البامبو» يحييون بيننا، نراهم في كل وقت ومكان، كل ما احتجت إليه هو الاقتراب منهم، التعرف إليهم عن قرب، معايشتهم، ولذلك شددت رحالي إلى الفلبين، للبحث عن ماضي عيسى الطاروف/هوزيه ميندوزا، بطل روايتي.
وبمجرد اقترابي من الناس هناك والسكن في أكواخهم وأحيائهم الفقيرة عدت إلى الكويت بمخزون أعانني على الكتابة بتدفق.. هذا بالنسبة لما يخص ثقافة الآخر في الرواية.
أما في الشق الثاني للرواية، حيث الكويت، فقد كان الأمر أسهل بالنسبة لي، لأنني أصبحت أكتب عن واقع أعيشه وأعرفه حق المعرفة. لذلك، أنا أكتب متى ما اكتملت التجربة والمعايشة أثناء التحضير للعمل وقبل الشروع في الكتابة.
 

معنى الحرية

ما الذي تعنيه لك الحرية؟ وأين هي منك؟
- الحرية، بالنسبة لي، أن أكون أنا. وأنا، أحاول بقدر الإمكان أن أكون.
ما مشروعك المقبل؟
- هناك العديد من الأفكار التي أتعامل معها بحذر. قد يحتاج الأمر إلى بعض الوقت.

 
المصدر:
 

 

 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدينة الأحلام

هلا فبراير .. إلى من يهمه الأمر!

كيف تغني الكويت من دون صوتها؟