المشاركات

عرض المشاركات من 2009

أجمل هدية وأسوأ خبر!

صورة
سعود السنعوسي: كاد شهر أكتوبر أن يمضي بهدوء وسلام، دون أن يسجل أي أحداث غير عادية، بالنسبة لي على الأقل. ولكنه، وفي اليوم الأخير غير رأيه فجأة، وكأنه أبى أن يسلم عهدة الأيام لنوفمبر دون أن يضع النقطة الأخيرة على سطر حياة إنسان علمنا كيف تكون الحياة. في مساء 31 أكتوبر، وقبل أن أتجه لسريري، كنت أتصفح موقع إيلاف الإخباري، وهو محطتي اليومية قبل النوم. وفيما كنت على وشك الانتهاء من قراءة العناوين الرئيسية وقع نظري على خبر في زاوية الصفحة الإلكترونية، شدتني الصورة قبل أن أقرأ عنوان الخبر. صورة تبعث في النفس الهدوء، لست أدري لماذا، ولكن ربما بسبب الهدوء الذي ميّز صاحبها، فقد طُبعت صورته في ذهني هادئا كما هو دائما في حلقات برنامجه الشهير "العلم والإيمان". بعد مشاهدتي للصورة، اتجهت بنظري أسفلها حيث الخبر: وفاة المفكر والكاتب المصري مصطفى محمود. لسبب ما، اتجهت نحو مكتبتي الصغيرة بدلا من أن أتجه للسرير بعد قراءتي للخبر. توقفت أمام الرّف الخاص بمؤلفاته أقرأ عناوينها، وأسترجع بعضا مما علمني إياه هذا المفكر والأديب في صغري. تذكرت "رحلتي من الشك إلى الإيمان" وما صادفته في هذه ال

قليل من الاحترام للأرض

صورة
سعود السنعوسي: "ترابك احنا نبوسه .. لو يحصل ما ندوسه .. يالله عساك محروسة .. يا ديرتي يا كويت". كانت تلك الكلمات - لمن لم يسمع بها من قبل - من أغنية "نبع الوفى" التي غناها ولحنها الفنان الكبير سليمان الملا، وصاغ كلماتها الشاعر الجميل ساهر. أتذكر تلك الأغنية وأجدني أرددها في سري كثيرا رغم مضي أكثر من اثنين وعشرين عاما على بثها أول مرة. لماذا لا أزال أتذكرها وأرددها؟ لأنها تحكي بما أشعر به تماما، هكذا وبكل بساطة. كانت المرة الأخيرة التي تذكرت بها تلك الكلمات ودندنت بها منذ أيام قليلة فقط. كنت في سيارتي، منتظرا ضوء إشارة المرور الأخضر ليأذن لي بالعبور. وكان أحدهم جالسا بسيارته الأنيقة إلى جانب سيارتي، ناحية اليمين. قام بفتح زجاج نافذة السيارة، فأطل برأسه خارجا، ثم: خخخخخ تف! ثم همس سليمان الملا بأذني: ترابك احنا نبوسه .. لو يحصل ما ندوسه! من المناظر التي تثير الاشمئزاز، والأصوات النشاز المقززة، والأفعال المقرفة، والممارسات المشينة، تلك التي تحدث ونسمعها ونراها كل يوم، حتى أصبحت بالنسبة للبعض شيئا مألوفا، وكأن فاعلها يمارس طبيعته البشرية بالتنفس أو النوم أو الأكل! ز

أحلامنا الفقيرة!

صورة
سعود السنعوسي: كغيري من أبناء وطني، أحن لزمن كان فيه كل شيء أفضل، أجمل وأصدق. كغيري من الزملاء الذين ما توقفت أقلامهم عن الكتابة حول شوقهم إلى ماضينا القريب، بل القريب جدا، ومقارنتهم لكل شيء بين اليوم والأمس. لست أتحدث عن شوق الأجداد لبيوت الطين والأسواق القديمة ورائحة البحر، بل عن زمن أقرب من ذلك بكثير. أتحدث عن نظرة أبناء جيلي الذي هو آخر الأجيال التي شهدت جزءا – وان كان صغيرا – مما تبقى من الزمن الجميل. نظرة ذلك الجيل ومقارنتهم لكل شيء بين اليوم وماضيهم القريب، وكأننا صنعنا في ذلك الماضي ما لم يصنعه أحد قبلنا. ولدت التساؤلات التي سأذكرها في هذا المقال قبل عام ونيف، وتحديدا في فبراير 2008، وذلك أثناء استماعي إلى أوبريت "صباح الوطن" أثناء قيادتي للسيارة. الأوبريت بشكل عام جميل لولا بعض الشطحات التي لم نعهدها من شاعر العمل المخضرم بدر بورسلي والملحن مشعل العروج. لست هنا لأكتب موضوعا نقديا حول الأوبريت، بل حول ما أثاره ذلك العمل من تساؤلات في مخيلتي. يتملكني إحساس مثير عند استماعي لأي أغنية وطنية، القديمة منها بالذات. وقد لا تترك أي أغنية عاطفية ذلك الأثر الذي تتركه الأغنية

بيت خمسة

صورة
سعود السنعوسي: لست أدري أعن البيت أكتب، أم عن صاحبه، أم عن باقي أفراد العائلة التي يحتضنها ذلك البيت؟ أتدرون! سأروي لكم الحكاية من البداية وحتى وقت كتابة هذه السطور بما انها لم تنته حتى هذه الساعة. وأسأل الله ألا ينهيها أبدا. عرفته كما كان يعرفه غيري، كاتب في صحيفة يومية، طبيب وناشط سياسي كما هو مكتوب في تذييل زاويته في الصحيفة التي كان يكتب بها. كان هذا كل ما أعرفه عنه قبل أن ألتقيه، وقبل أن يصبح من الشخصيات التي أثرت تأثيرا إيجابيا مباشرا في حياتي. يمتعني أحيانا بالأفكار التي تحويها مقالاته الفكرية والأدبية، ويزعجني أحيانا أخرى، بل ويقلق راحتي بمقالاته السياسية، ويرعبني صوت النواقيس التي يدقها من خلال تلك المقالات التي تتحدث عن المخاطر التي تحيق بمستقبل بلادي.. عفوا، سوف لن أعكر صفو هذه الصفحة بالحديث عن السياسة، فلا مكان لها هنا كما هي الحال في البيت الذي أرغب بالكتابة عنه، حيث يشنق أفراد العائلة همومهم السياسية على أسواره من الخارج قبل أن يدخلوه. أعود لحكايتي، ذات يوم أخبرني أحد أقربائي عن مجموعة قراءة، كان يعتقد بأنها ستضيف لي شيء ما، وذلك لعلمه بخصوصية العلاقة التي تربطني بالكت

سر المريض الراقد تحت الغطاء الأخضر!

صورة
سعود السنعوسي: في يوم صيفي شديد الحرارة، تمكنت الشمس بتحالفها مع حبات الغبار العالقة بين الأرض والسماء من أن تبقيني حبيسا في المنزل. أخذت أبحث عن شيء غير اعتيادي لأشغل به نفسي في ذلك اليوم الذي كان يوم عطلة. لست من المهتمين بمشاهدة التلفزيون كثيرا، ولكن في ذلك اليوم الممل وجدتني مرغما على ذلك. أسندت ظهري على تاج السرير الخشبي وأخذت أعبث في جهاز الريموت كنترول باحثا عن برنامج أقضي وقتي بمتابعته بعد أن أجلت كل مشاريعي في ذلك اليوم بسبب سوء الأحوال الجوية. توقف إصبعي عن ضغط أزرار الريموت بعد أن شد انتباهي برنامج على إحدى القنوات العالمية. كان المشهد الذي توقفت عنده يُصوَّر في غرفة عمليات بإحدى المستشفيات الكبرى – كما كان يبدو – في إحدى الدول الأجنبية. يصور المشهد مجموعة من الأطباء والمتخصصين وهم يجرون عملية جراحية لشخص ممدد تحت قطعة من القماش الأخضر، لا يظهر من جسده سوى جزء صغير جدا لم أتمكن من تحديد تفاصيله. بينما كان الأطباء منهمكين في إجراء العملية كنت أنا منهمكا بمتابعة كل شيء في تلك الغرفة، ما عدا العملية الجراحية رغم انها كانت الأهم في ذلك البرنامج، بل انها كانت السبب الرئيسي للتص

بس يا بشر!

صورة
سعود السنعوسي: مضى على إنتاج أول فيلم كويتي ما يقارب سبع وثلاثون عاما، وأنا أشير هنا إلى فيلم بس يا بحر الذي أنتج في عام 1972، وهو من إخراج خالد الصديق وتأليف عبدالرحمن الصالح وبطولة كل من الفنانين - مع حفظ الألقاب - سعد الفرج وحياة الفهد ومحمد المنصور وعلي المفيدي. كان هذا الفيلم هو التجربة السينمائية الكويتية الأولى، تبعتها تجربتين أو ثلاث. لم تترك تلك التجارب ذلك الصدى الذي تركه فيلم بس يا بحر في نفوس الجماهير. وبعد ذلك انقطعت تلك التجارب لفترة طويلة تقارب الثلاثة عقود، ثم عادت المحاولات السينمائية في الكويت مجددا في حوالي عام 2004. وفي تلك الأثناء كنا متحمسين جدا لمشاهدة فيلم كويتي على شاشات السينما، بعد أن لوثت المسلسلات الدرامية عقولنا وذوقنا. كنا نأمل بمشاهدة أعمال كويتية ذات مستوى راق تقدم للمشاهد ما يجب أن يقدمه أي فيلم سينمائي. ولكن كانت الخيبة سريعة، ولا تقل عن تلك التي سببتها أعمالنا الدرامية الهابطة التي تعرضها الشاشات في كل عام، وفي الشهر الكريم تحديدا. أتساءل وأنا أكتب هذا السطور، ما الذي أرجوه من وراء مشاهدة أي فيلم؟ ويأتي الجواب سريعا بأنني أضحي بجزء من وقتي ومالي ب

على متن الكتاب .. تجاوز حدود المكان والزمان

صورة
سعود السنعوسي: ليست هي المرة الأولى التي أكتب فيها عن الموضوع ذاته، وهو موضوع القراءة، ولكن في كل مرة أتطرق لفوائد ومتعة هذه الممارسة من جانب مختلف. كما أعتقد ان موضوعا كهذا ليس من المواضيع التي تستهلك أو تصبح قديمة أو تصلح للنقاش في وقت دون آخر. فالحديث عن القراءة كالقراءة، مشوق بحد ذاته، فإذا ما شرعت بالحديث عن عالم الكتاب لا يمكنني أن أفرغ من هذا الحديث بسهولة، فهو موضوع كبير جدا بقدر ما تحمله الكتب من كلمات. سأكتب في هذا العدد عن تجربتي مع القراءة بشكل مختصر، وقراءة الرواية على وجه التحديد، وأتمنى أن تكون تلك التجربة حافزا لغيري ممن لا يعرفون شيئا عن هذا العالم كي لا يفوتوا فرصة الولوج إليه والاستمتاع بكل لحظة من لحظاته. أكتب عن القراءة بشكل عام وأصفها بالـ(حاجة) بعد أن كنت أعتبرها مجرد هواية ككل الهوايات التي يمارسها المرء. فقد كانت القراءة بالنسبة لي مجرد تسلية لا أمارسها إلا لتمضية وقت الفراغ، تطورت هذه الهواية شيئا فشيئا لتصبح عادة، وما لبثت تلك العادة أن تتطور أكثر فأكثر لتصل إلى مرحلتها النهائية التي أطلق عليها الآن حاجة. وعندما أصفها - القراءة - بالحاجة فأنا أضمها إلى بقية

عيب!

صورة
سعود السنعوسي: عندما كنا في سنوات عمرنا الأولى، كنا لا نشعر بأي مسؤولية تجاه أي شي، فقد كنا نقدم على أي فعل دون تخطيط أو تفكير بالنتائج، ويكون ذلك عادة لشد انتباه الغير أو لمجرد التسلية. وبناء على ذلك كنا كثيرا ما نرتكب أخطاء، وكثيرا ما نعاقب عليها من قبل آباءنا وأمهاتنا بالضرب على ظهر الكف ضربة لا توجع بقدر ما تشعرنا بالخجل من أنفسنا، خصوصا إذا ما تبعت هذه الضربة كلمة: عيب! ظهرت في السنوات القليلة الماضية قنوات فضائية كويتية خاصة، تمكن بعضها من التربع على قمة النجاح في وقت قياسي نظرا لنوعية البرامج ومستوى الطرح فيها، وفي المقابل ظهرت نوعية أخرى من الفضائيات تتمثل في تلك القنوات التي مازالت تتخبط محاولة أن تثبت وجودها بأي وسيلة كانت. وقد تمكنت بالفعل من ذلك مع شديد الأسف. ولكنها وان تمكنت من استقطاب عدد لا بأس منه من المشاهدين فهي لم تصنع إنجازا على الإطلاق، فاستقطاب المشاهدين بات أمرا ليس بتلك الصعوبة، بل انه من السهولة بمكان تكوين قاعدة جماهيرية اعتمادا على بعض المراهقين عمريا وفكريا، أولئك الذين ليس لديهم ما يشغل فراغهم سوى الاتصال بالفضائيات لسبب أو دون سبب. ولكن الأمر الذي يشكل

مدينة الأحلام

صورة
سعود السنعوسي: لكل منا حلم يسعى لتحقيقه. هناك من يحلم باقتناء سيارة معينة، وهناك من يحلم بالحصول على وظيفة ما، وهناك من تنتهي أحلامه ببناء بيت المستقبل أو بيت العمر كما نطلق عليه. تختلف أحلامنا من حيث سهولة تحويلها إلى واقع ملموس، فبعض الأحلام أو الأفكار من اليسير على صاحبها أن ينتزعها من رأسه ليضعها أمامه على أرض الواقع، وبعض الأحلام يصعب تحقيقها، أما النوع المتعب من الأحلام هو ذلك الذي يدرك الإنسان بأنه لا يمكن تحقيقه على الإطلاق، ومع ذلك، يستمر بحياكة تلك الأحلام رغم استحالة تحقيقها. بعض الأحلام خاصة، لا تعني سوى صاحبها، وبعض الأحلام تخرج عن نطاق الخصوصية لتتعدى صاحبها وتصل إلى محيطه كالبيت والعائلة، وأحيانا تصل إلى مدى أبعد كالأحلام التي نسعى لتحقيقها لتحقيق الخير للمجتمع. وكلما اتسع محيط الأشخاص الذين يشملهم الحلم أصبح تحقيقه أصعب. وأنا كغيري من الناس، لدي الكثير من الأحلام، تمكنت بفضل من الله من تحقيق بعضها، وأعمل جاهدا على تحقيق بعضها الآخر. سوف لن أتطرق لأحلامي الخاصة لأنها لا تعني أحد سواي، ولكني سأتطرق لحلم كان ولازال يراودني بين الفينة والأخرى. إذا كان أقصى الطموح بالنسبة

حين يحكمنا الأوغاد!

صورة
سعود السنعوسي: منذ سنوات، حين كنت في مرحلة الدراسة، وقبل أن ألتحق بالوظيفة، لطالما استمعت إلى أسطوانة كان يرددها من هم حولي، وباستمرار، وهي أن الشاب الكويتي غير منتج وانه لا يصلح للعمل. فهو كسول بطبعه، وكل ما يسعى إليه بعد حصوله على الشهادة هو مكتب فخم وساعات عمل قليلة غير محددة بموعد حضور وانصراف. أنهيت دراستي، والتحقت بالعمل كما هي الحال مع أصدقائي الذين كانوا في مثل سني. وكانت تلك الأسطوانة لا تزال تدور وتصدر تلك الأصوات المزعجة بأن الشاب الكويتي اتكالي ولا يمكنه الاعتماد على نفسه وإلى آخر تلك الصفات التي سئمت سماعها. كان الجميع، في مقر العمل وخارجه، الكويتي والوافد، يكررون تلك الكلمات على مسامعي حتى كدت أؤمن بالفعل بأننا لا نصلح لشيء سوى النوم على مكاتبنا في مقار العمل بعد أن تمتلئ بطوننا بالشاي والقهوة والبسكويت وبعد أن تتورم رؤوسنا بسبب الثرثرة والحديث عن كل شي لا يخص العمل. أنهينا مرحلة الدراسة، أصدقائي وأنا. هناك من واصل تعليمه لتلقي دراساته العليا، هؤلاء الذين أجل الله خيبة آمالهم إلى وقت لاحق. أما أنا والبعض الآخر فقد انتقلنا إلى الحياة الجديدة فور انتهائنا من الدراسة، حيث