المشاركات

عرض المشاركات من 2021

رواية (فئران أمي حصة): سؤال الهوية.. واستشراف الآتي

تتجسد فضاءات هذه الرواية في الكويت، ما بين زمنين: زمن ماض هو الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، وزمن مستقبل متخيل، ينتهي عام 2020م. وما بين هذين الزمنين تشتبك كل الأزمنة وبيئاتها وظروفها ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.  بطل الرواية هو تلك الشخصية المتسائلة المفكرة دوماً منذ طفولتها، التي تطرح الأسئلة على كل المستويات: الوجود والإِنسان والوطن والهوية والفكر والصراع والطائفية والمذهبية.  «الجهل بالشيء نعمة في بعض الأحيان. والطفل في لهجتنا جاهل. ونحن الجهال كنا نعيش هذه النعمة، نعمة اللا أدري. كبرت قليلاً وانشغلت بأسئلة ممنوعة. ربما لم أكن في حاجة إلى إجابات لها بقدر ما كنت في حاجة إلى لفظ السؤال والتحرر منه». (ص 37) ولكن هذه التساؤلات كانت تقمع على كل صعيد: في البيت والمدرسة وربما الشارع أيضاً. هذا الطفل الذي كبر وشكل بطل الرواية الرئيس هو رمز للمثقف والفنان الذي يسأل حول كل شيء، يزعجه الواقع، ويوتره المستقبل. هذا الشغف بالسؤال وقلق التفكير، سيكون نتاجه لاريب في استشراف المستقبل الذي تجسد في الرواية، هذه الرواية التي تجسد وظيفة الفن الحقيقي: قراءة الحاضر واستشراف المستقبل. ولذا كانت رؤاها

قراءة نقدية لرواية ناقة صالحة

صورة
د. داليا حمامي   الكتاب: "ناقة صالحة"  المؤلف: سعود السنعوسي الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون، طبعة مصرية عن دار تنمية    عدد الصفحات: 173 صفحة تاريخ النشر: آب/ أغسطس 2019   أذكر حينما قرأت رواية ساق البامبو لسعود السنعوسي، أني قلت في نفسي لن أقرأ بعدها ما هو أجمل و أكثر ملامسة لقلبي منها، ولكن حدث أن قرأت فئران أمي حصة، فضربت أوتارًا حساسة في دواخلي وهزتني بعمق، لأعود و أقول ها هي ذي الرواية الأفضل، لكن عاد إلينا سعود بروايته حمام الدار، بفكرة عبقرية ولغة خلابة، وسرد ذكي وتعابير حزينة، يرغمك صدقها على الذوبان أمامها محبةً لقلم الكاتب الفذ، وعدت وقلت مجددًا محال أن أقرأ أبدع منها، ليفاجئنا سعود أخيرًا برائعته "ناقة صالحة"، بلغتها الفريدة المتمكنة التي أعادنا الكاتب من خلالها لزمن البلاغة والفصاحة، و للعصور الذهبية للغة العربية، فمن أول كلمة ينجح في فصلك عن زمنك، ويعود بك إلى زمن وبيئة لم تقرأ عنهما سابقًا، ويجعلك تغرق في ثنايا حكاية، من حقبة لن تعود.   "ومنزلك قلبي، وأنا لولا الخلوج..ما أترك دياري لديرة صالحة"   جملة لن تعني لك ش

جدلية التعايش؛ قراءة في رواية “فئران أمي حصة” لسعود السنعوسي!!

صورة
بقلم : أيمن حمد المناصير ليس من السهل أن تكون اختياراتك على المقاس من أول كلمة تخط بها عملك إلى آخر قفلة توصد بها باب نصك، هذا ما أستطيع أن أسطره مع آخر سطر من سطور رواية “فئران أمي حصة” للمبدع سعود السنعوسي، الذي أصرّ من خلال هذه الرواية على أن يكون نذير قومه، وصاحب العيون التي ترى مستقبلا سوداويا، تحت دوي الانغلاق والتحجّر وتحييد قيم النظر والتعقّل، يتشكّل . لذاك استلّ من جعبته مفردة النص الآسرة ” الفئران قادمة، أنقذوا الناس من الطاعون”، لافتة تمّ استدعاؤها من فوضى الكلمات المحذّرة المهملة، التي طالما دقّت على الجدران متسائلة ومحذّرة، لكن دون أن يُسمع كلام صاحبها، الذي لا بد أن يكون مختلا في عالم يغص بالمجانيين . المجانيين الذين وجدوا أنفسهم يعيشون مشاكل غيرهم، وينتمون إلى جدليّات ومشاكل لا تنتمي إليهم، وهموم وقضايا لا تشبههم، ويتمترسون خلف شخصيّات عاشت حياتها فأخطأت وأصابت وتحمّلت نتائج ما اقترفت يداها؛ بناء على صيرورة حركة المجتمع وأفكاره، لكن الإنذار الذي يصرخ كدوي، يأتي على لسان أبناء فؤادة: ما لنا ولهم، دعونا نحيا حياتنا . النّص مفتوح على أسئلة بالجملة تناقش حالة قد تبدو م

إنها فوضى المذعورين يا سيدي العفريت

صورة
  إنها فوضى المذعورين يا سيدي العفريت        يُعرف عن طبيعة الأنظمة الراسخة، بصرف النظر عن درجة صلاحها أو فسادها، تفوقها على معارضيها بكل شيء بحكم امتداد التجربة وتراكم الخبرة، وامتلاك كل أدوات إدارة الدولة وإحكام السيطرة على مفاصلها بالقانون وحفظ أمنها واستقرارها إن توفرت الرغبة . غير أن شيئًا من سابق القول غير موجود في هذا البلد العابر لمفهوم الدولة إلى مفهوم جديد وفريد حد السخف، حينما يحل المزاج الفردي محل القانون، والتعنت محل التفاوض، فيحتل الصراخ محل الحوار الذي أفضى إلى لا شيء، والمصالح الفردية محل الصالح العام، ويحل الاعتباط محل الحكمة وحسن التدبير.      ولأن واحدنا يستطيع أن يفهم سياسات كل الدول المتشظية على وجه الخريطة إلا سياسة هذا البلد الغارق في أزماته يُقيم بنيانه على كف عفريت؛ للسيد العفريت صاحب اليد المبسوطة أقول: إلى أين ستصل بنا الحال؟      الفوضى مدانة بكل تجلياتها يا سيدي، وما يتمخض عنه المشهد السياسي تحت قبة البرلمان وعلى مستوى الشارع غير مقبول، ولا يُبشر بانفراج على المدى القريب، ولا يؤدي إلى شيء إلا المزيد من الفوضى وتكريس مرحلة جديدة قوامها الصوت العالي