سعود السنعوسي: أكتب لنفسي ووفق قناعاتي بالدرجة الأولى

 
إيهاب الملاح - جريدة عُمان - ملحق شرفات
 
 
بالرغم من أن «ساق البامبو» هو العمل الروائي الثاني للروائي الكويتي الشاب سعود السنعوسي، بعد روايته الأولى «سجين المرايا»، التي دشن بها اسمه ككاتب موهوب وواعد، فإنها لاقت نجاحا كبيرا ولافتا وانتشارا غير مسبوق على المستويين الكويتي والعربي، وفي أقل من عام تقريبا منذ صدورها في مطالع 2012، حصدت تقريبا كل الجوائز التي صادفتها! كان آخرها الوصول إلى اللائحة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر 2013) في نسختها السادسة، وتكون إحدى الروايات المرشحة بقوة للفوز بالجائزة الأهم والأشهر في العالم العربي.
ولم يكن هذا النجاح والانتشار محض مصادفة أو ضربة حظ واتت مؤلفها، بل العكس، فالرواية، وكما أكد غير ناقد «تمتلك الكثير من عوامل النضج الفني، بداية من اختيار المضمون، وكيفية تناوله سرديًا، عبر خلق عالم زمني ومكاني شاسع يتوزع على جزر الفلبين التي تشكل جسم ذلك البلد وبين الكويت في زمنها الراهن والمعاصر».
وبين ثقافتين متباينتين أشد التباين، ينشأ بطل «ساق البامبو» (هوزيه ميندوزا أو عيسى راشد الطاروف) ليواجه ذاته العصية على التصنيف والانتماء، على كل المستويات، من عتبة خلقه وتكونه كجنين في رحم أمه ونهاية بمشاهدته لمباراة كرة قدم بين منتخبي الكويت والفلبين، تجعله يعلق على تسجيل هدف في مرمى أحدهما قائلا: «ها أنا أسجل هدفا جديدا في مرماي الآخر»!!
إنها رواية «البحث عن الهوية»، والكشف عن المستور في طبقات المجتمعات العربية المتراكمة، يغمس الروائي أصبعه في الجرح، لكن بعد رشه لجرعات من المخدر الموضعي عليه!
في هذا الحوار يكشف الكويتي سعود السنعوسي عن التحديات التي تواجهه كروائي شاب فاق النجاح الذي حققته روايته الثانية كل التصورات، ومدى تعاطيه مع هذا النجاح بما يجعله يتفادى سلبياته ويركز على الإفادة من الإيجابيات لأقصى حد في أعماله المقبلة.. 
 
** الروائي الكويتي الشاب «سعود السنعوسي».. اعتبره البعض أمل الرواية الكويتية القادم، ومستقبلها الواعد.. كيف يقدم «السنعوسي» نفسه للقارئ العربي؟ وما الملامح العامة لتجربة الروائي الشاب؟
* لست متأكدا إن كان لتجربتي الأدبية، القصيرة جدًا، ما أشرت إليه من المعنى الحرفي والمباشر للملامح العامة لتجربتي الأدبية. ربما يمر في مثل تلك الأمور أصحاب التجارب الطويلة. دعني أصدقك القول، أنا جديد في عالم الكتابة الإبداعية، أصدرت روايتين وحسب، وكل ما سبقهما لا يعدو كونه محاولات وتجارب متواضعة لم ولن ترى النور لأنها كانت بمنزلة التدريب بالنسبة لي لا أكثر.
ربما اللحظات المفصلية هي تلك التي ساهمت في تسويق اسمي لشريحة أكبر من القراء، وأنا محظوظ في ذلك، خصوصا أنني في مقتبل العمر والتجربة، وأنا أعني الجوائز الأدبية، سواء جائزة الأديبة ليلى العثمان لإبداع الشباب في القصة والرواية والتي حظيت بها في روايتي الأولى «سجين المرايا» ما شكّل بالنسبة لي تحديا كبيرا بعد تلك الجائزة التي واجهتني بالقارئ الذي لا يعرف سوى انني أكتب المقال. جاءت تجربتي الثانية «ساق البامبو»، ولعل اللحظات المفصلية التي تبعتها هي الأهم والأبرز حين نال العمل جائزة الدولة وترشح كأول عمل كويتي لقوائم الجائزة العالمية للرواية العربية. هذه بالنسبة لي اللحظات المفصلية في تجربتي المتواضعة.
 
** رواية «البحث عن الهوية». هكذا صنف البعض روايتك «ساق البامبو» تحت هذا المفهوم، فهل تعده مصطلحا مقبولا من حيث الشكل؟ وهل تتوقع بعد نجاحها الكبير أن تؤسس لتيار في هذا الاتجاه؟
* أنا لا أضع المصطلحات ولا أصنف الكتابات، ولست حتى أفكر في مثل هذه الأمور. أنا أكتب وحسب، ربما هي مهمة الناقد. أما بالنسبة لـ«ساق البامبو» فلا أحسبها استهلالا لموجة أو تيار جديد في هذا الاتجاه، كما أشرت في سؤالك، بل ربما «ساق البامبو» جاءت بعد تجارب مشابهة لدينا في الكويت، فأنا لست أول من كتب في «إشكالية الهوية»، على سبيل المثال، سبقتني إلى ذلك الروائية بثينة العيسى في روايتها «ارتطام لم يسمع له دوي» قبل سنوات، ورواية «لأني أسود» للروائية سعداء الدعاس. أتصور أن المبدع لديه دافع ذاتي للكتابة المغايرة والحرص على التجريب والإتيان بما هو جديد في كل تجرية، ربما يحفزه عمل ما على ذلك، وأتمنى أن تكون روايتي دافعا لغيري كما استفدت أنا من الكثير من التجارب الأخرى.
 
** على صعيد الشكل الروائي.. اعتمدت في كتابة الرواية على حيلة أو صيغة «السيرة الذاتية المترجمة».. هل أنت من المعنيين بضرورة التجريب والابتعاد عن القوالب التقليدية في الشكل الروائي؟ وهل ترى أن الشكل هو الذي يفرض حضوره ويكون هاجسا طوال مراحل الكتابة؟ أم العكس؟؟
* كلاهما يكمل الآخر، الشكل والمضمون. قد تلاحظ أن حكاية «هوزيه» لا تعدو كونها حكاية كلاسيكية، بداية ووسط ونهاية، وأنا خططت لها أن تحمل طابع السيرة الذاتية. كنت حريصا على التجريب، وهذا أمر لا بد منه كما أتصور خصوصا مع هذا العمل، فكرت في أكثر من طريقة غير تقليدية تبرر كلاسيكية العمل، ولم أجد حيلة مبررة أكثر من فكرة السيرة الذاتية المترجمة، خصوصا أن المترجم يظهر في الرواية كأحد شخوصها الذين تربطهم علاقة مباشرة مع بطلها، كما أن فعل الترجمة حاضر في الرواية. علاوة على ذلك فأنا، وكل روائي كما أتصور، أحاول قدر الإمكان أن أقنع قارئي المحتمل بواقعية شخوص الرواية، ولهذا السبب كنت حريصًا على تنفيذ العمل بهذه الصورة. المضمون وحده لا يكفي، والشكل أيضا، إنما يجب أن يضيف كلاهما للآخر. أنا أدرك تماما حجم الإرباك الذي سببته للقارئ العادي بهذه الحيلة، ولكن لا مانع من إرباك القارئ لإشراكه في العمل، وتحفيز تفكيره أثناء القراءة. وبالمناسبة، وحده إسماعيل فهد إسماعيل الذي شدّ على يدي لتنفيذ الفكرة في حين نصحني الكثير بصرف النظر عنها.
 
** في ثنايا «ساق البامبو» ثمة إشارات للروائي الكبير «إسماعيل فهد إسماعيل»، ويظهر كأحد الشخوص في الرواية باسمه الواقعي مع إحالات مرجعية حقيقية تم توظيفها في النص الروائي.. تتبدى ثمة علاقة خاصة ومضمرة في ثنايا النص تشي بأن لإسماعيل مكانة متميزة ووضعية متفردة في تكوينك الثقافي.. هلا أخبرتني عن هذه العلاقة ومدى تأثرك أو تفاعلك مع منجزه الروائي والثقافي ككل؟
* أحببت سؤالك كثيرًا على صعوبته. فماذا عساي أن أقول عن هذا الرجل؟ «إسماعيل» ساهم كثيرا وبشكل مباشر في تغيير نظرتي لكثير من الأمور، ربما هو نفسه لا يعرف ذلك. ليس من خلال قراءتي لأعماله في الرواية والقصة والمسرح والنقد وحسب، بل من خلال تعاملي المباشر معه. تربطني بأبي فهد علاقة فريدة من نوعها، ولا أستطيع، بأمانة، أن أصنفها تحت أي بند.
البعض لمس تغييرا في أسلوبي الكتابي بعد معرفتي بإسماعيل الفهد، تلقيت سؤالا من أحدهم: «إسماعيل علّمك كيف تكتب؟»، وفي الحقيقة لا، إسماعيل لم يعلّمني كيف أكتب، بل الصحيح أن إسماعيل علّمني كيف أمحو! كنت أرصده أثناء الكتابة، يعجبني احترامه وإخلاصه لعمله، يكتب ويعيد الكتابة ثانية وثالثة، ولا يتردد بتمزيق مئات الصفحات، أو الاحتفاظ بعدد كبير من المخطوطات لروايات يتردد في نشرها. هذا بعض مما تعلمته من أبي فهد. الأمر الأهم هو أنني كثيرا ما أُفجع حين ألتقي كتّابا أعجب بكتاباتهم على مدى سنوات، حيث اكتشف أنهم أبعد ما يكونون عن هذه الكتابات، وحده أبو فهد هو إسماعيل فهد إسماعيل في كتاباته، في تعامله مع الآخر وفي كل الظروف. ولا أخفيك سرّا حين أقول إن إسماعيل كان الملاك الحارس لرواية «ساق البامبو»، حيث عقدنا جلسات امتدت لما يربو على العام، كنت أعمل خلالها في روايتي «ساق البامبو» في حين كان يكتب إسماعيل رائعته الأخيرة «في حضرة العنقاء والخلّ الوفي» وكان كلانا، أسبوعيا، يقرأ للآخر ما أنجزه خلال أسبوع. نبدي الملاحظات ونتناقش حول ما كتبناه. تصور كيف لإنسان بحجم إسماعيل فهد إسماعيل يعطي من وقته لشاب في مقتبل تجربته الأدبية مثلي دون أن يمارس الأستاذية كالكثيرين غيره! وتصور أن هذا الرجل بكل خبرته وتاريخه، وفي أكثر من مناسبة، يصرّح بكل ثقة بأنه يتتلمذ على أيدي الشباب، أولئك الشباب الذين ينهلون من خبرته وغنى تجاربه، ولذلك، ربما، هو متميز عن غيره في الاستمرار بالكتابة والتجريب. أنا أجزم أنه لولا أبا فهد لما خرجت روايتي بهذه الصورة. فشكرا لأبي فهد، وشكرا لك على هذه الفرصة للحديث عن هذا الإنسان.. الحقيقي.
 
** في «ساق البامبو» ثمة مقاربة ثقافية وسوسيولوجية دقيقة ومفصلة لمجتمع الفلبين، ودقائق حياته اليومية ومعتقداته وطقوسه في سرد ممتع وخلاب.. كيف تحضرت معرفيا وثقافيا لجمع هذه المادة عن مجتمع مغاير تماما في تكوينه وأصوله وعرقيته عن المجتمع العربي؟
* القراءة المكثفة كان لها دور، والبحث عبر الوسائل المتاحة، ولكن ما كان لهذا العمل أن يصل بهذه الشفافية، كما لمست في انطباعات القارئ، من دون تجربتي في السفر إلى الفلبين والمعايشة المباشرة من خلال سكني في البيوت التقليدية بين الناس المحليين في الأحياء الفقيرة هناك. اقتربت من الناس، ورصدت سلوكهم وأسلوب حياتهم وثقافتهم بشكل عام. كان لزاما عليّ أن أحقق هذه التجربة قبل الشروع الفعلي للكتابة، وذلك لكي أتعرف على ماضي بطل روايتي «هوزيه ميندوزا/ عيسى راشد الطاروف»، خصوصا وأنه قد أمضى ثمانية عشر عاما في بلاد أمه، الفلبين، ومن هذا جاء دافع السفر لأن أكون ملما بكل التفاصيل. وهناك تعرّفت على أكثر مما كنت أحتاج إليه. كثير من التفاصيل قد فرضت نفسها في الرواية بعد تجربتي في السفر. وهكذا عدت إلى الكويت محملا بمخزون من ثقافة الآخر وتاريخه وأعرافه.
 
** تراكَمَ كَمٌ لا بأس به من المقالات والمقاربات النقدية حول الرواية، خلال فترة وجيزة، معظمها أشاد بالرواية ونبه إلى مكامن التميز والجدة فيها.. فيما رآها البعض «نصف رواية جيدة» كما كتب ناقد كويتي.. هل أنت راض عن مجمل القراءات التي تعرضت للرواية؟ أم لديك بعض الملاحظات أو التعليقات عليها؟ خاصة من الجانب الكويتي؟ وهل ترى أن الحفاوة بها كانت متعادلة ومتوازنة بين داخل الكويت وخارجها أم ماذا؟
* أنا راض تماما عن جميع ما كتب، سلبًا أو إيجابًا، لأن جميع الآراء تصب في صالحي أولا وأخيرا. أتحفظ قليلا على بعض الآراء التي يرى فيها البعض في النصف الثاني من الرواية، وهو النصف الخاص في الكويت، طغيان صوتي على صوت الراوي الضمني وذلك في نقدي المباشر لبعض العيوب في وطني.
وأنا أؤكد بأنه لم يكن صوتي على الإطلاق، وإن وافقت بطلي بما يقول. إذا ما وضع القارئ مسألة بقاء هوزيه في الكويت سنتين في عين الاعتبار، سوف يجد أن رصده لكل هذه التفاصيل في ثقافتنا مبرر جدا. كان هوزيه يحكي تاريخه في الفلبين بشكل عابر دون الوقوف عند أمر معين، وهذا أمر بديهي كما أتصور لأنه نشأ هناك في مكان يألفه، ومن الطبيعي جدا، أثناء عودته إلى الكويت، أن يرى الأشياء بعين الدهشة وبتركيز أكبر، لأنها جديدة عليه. أضف إلى ذلك أن كل تلك الملاحظات التي وردت في العمل على لسان الآخر لم أستحضرها من مخيلتي، فأنا استطلعت كثيرا في هذا الأمر، وتحاورت مع الكثير من الوافدين في بلادي عن الصورة التي يروننا عليها، ومن هنا جاءت آراء هوزيه وأفكاره وانتقاداته المباشرة لنا. بالنسبة للشق الثاني من السؤال، بأمانة لا يزال الوقت مبكرا للمقارنة بين انطباع القارئ المحلي والقارئ العربي، في الكويت، والخليج عموما، نال العمل نصيبا كبيرا من الانتشار، ربما الأمر يحتاج المزيد من الوقت لمعرفة الانطباعات حول الرواية خارج الكويت والخليج.
 
** كيف تحدث التوازن المطلوب بين الكتابة والعمل الصحفي والإعلامي خلال ممارسة الكتابة الإبداعية، أو كيف تتجنب الطغيان الصحفي على الكاتب بداخلك؟
* لستُ متأكدًا من كوني صحفيًا. أنا أكتب المقال، وأحيانا، نادرا، أكتب التقارير أو الاستطلاعات، ولكن ذلك يأتي في «سياق إبداعي» قريب إلى حسي في الرواية. علاوة على ذلك أنا أقوم بتعطيل كل شيء حين أكتب الرواية، لذلك لا تجد لي مقالة واحدة في السنة الماضية؛ لأنني كنت أعكف على كتابة «ساق البامبو». أعترف أنني في روايتي الأولى وقعت في فخ كاتب المقال حين ضمنت الرواية بعض الانتقادات المباشرة بشكل لا يتناسب مع العمل الإبداعي، ولكنني تمكنت بعد ذلك من التمييز، لذلك أنا لا أعمل على الموازنة، فقد أصبح الأمر تلقائيا بعد التجربة.
 
** برأيك هل تقتطع الرواية الكويتية، خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققته «ساق البامبو»، مساحات غير مسبوقة من الحرية والمناطق (المسكوت عنها) المكتسبة التي لم تطأها من قبل؟ وهل ترى أنها رادت طريقا جديدا في الكشف عن تناقضات وإشكاليات المجتمع الكويتي في بعض جوانبه الاجتماعية والثقافية والسياسية؟
* ربما ستساهم الرواية في كسر بعض الحواجر، وأعتقد أن هناك من أدرك أهمية أن نضع إصبعنا على الجرح والإشارة إليه لعلنا نتمكن من علاجه، ولكن، وبأمانة، لا أريد أن أدعي بأنني أتيت بما لم يأت به أحد من قبلي، ثق تماما أن تجربتي في «ساق البامبو» جاءت نتاجا وامتدادا لتجارب غيري من المبدعين في الكويت، ربما ما ميّز عملي الشمولية التي فرضته طبيعة الموضوع، فقد كان المجال واسعا للتطرق إلى أمور جلة تلامس حياة ذلك الآخر الوافد على بلاده غريبا، كما أن للمساحة الزمنية في الرواية دورا مهما في الإلمام والتطرق لمواضيع كثيرة.
 
** انطلاقا من الخاص إلى العام، ووصلا بالحركة الأدبية في المجتمع الكويتي.. كيف ترى مستقبل الرواية في الكويت؟
* أنا متفائل جدا تجاه الحركة الأدبية في الكويت، وإن لم تكن الصورة واضحة الآن، فإنها حتما في المستقبل القريب ستحدث أثرا وفارقا كبيرا. هناك العديد من الأسماء الشابة التي يعوّل عليها، استفدت منها شخصيا، وطورت نفسي من خلال تجاربها، تلك الأسماء هي امتداد لجيل أسّس فن الرواية في الكويت، وأنا واثق بأنه سيتجاوز كونه مجرد امتداد ليضيف إلى الأدب في الكويت بشكل عام، وأدب الرواية على وجه الخصوص. نحن، جيل الشباب، محظوظون في الكويت بذلك التواصل بيننا وبين من سبقنا من أساتذة، يقرأون مخطوطات أعمالنا قبل النشر ولا يتأخرون بإبداء رأي أو نصيحة. هناك الكثير من الأسماء التي لا تظهر بالصورة إلا أنها تساهم بشكل مباشر في دعم المبدعين الشباب على رأسهم المخضرم إسماعيل فهد إسماعيل الذي يخصص جزءا كبيرا من وقته للقراءة للشباب والأستاذة ليلى العثمان التي خصصت جائزة لإبداع الشباب في القصة والرواية.
 
** بعد صعود اسمك كروائي مجيد، بعد النجاح الذي حققته بروايتيك الأوليين، عوّل الكثيرون داخل الكويت وخارجها على أنك ستكون علامة بارزة في مسيرة الرواية الكويتية وأحد أقطابها الكبار في المستقبل القريب؟
* أنا لا أرى نفسي سوى «عود من حزمة»، هكذا باختصار. ثق تماما أن أشد ما لفت الانتباه إليّ هو الجوائز وما يلحقها من بروز إعلامي، ولكن ذلك لا يعني أنني الأفضل بين المبدعين من أبناء جيلي، هناك من يعمل في صمت وهو يستحق ما نلته أو ربما أكثر، لذلك أنا لا أرى في تجربتي سوى جزء صغير من صورة للحركة الشبابية الإبداعية في الكويت.
 
** بالتأكيد وصول الرواية إلى اللائحة القصيرة للبوكر مثل لك حالة من السعادة البالغة.. كيف ترى هذا النجاح وكيف تقيمه؟ وهل من الممكن أن تكون ذات أثر سلبي عليك بصورة أو بأخرى؟
* بأمانة شديدة لم أكن أتصور أن تحدث الرواية ما أحدثته من نجاح وانتشار. فاجأتني ردود الأفعال، خصوصا أنني كنت قريبًا جدًا من مجموعات القراءة المنتشرة لدينا حاليا في الكويت، ولمست ذلك التأثير الذي تركته على القارئ بواسطة «ساق البامبو» حين تتم مناقشتها، عداك عن الزخم الإعلامي والاحتفاء الذي لقيته من الكتاب في الصحف والأساتذة والزملاء الشباب من المبدعين. كان الأمر غير متوقع، لذلك فأنا آمل أن تكون الرواية بالفعل تستحق كل ما نالته من حفاوة وتكريم.
أما عن الآثار المترتبة على هذا النجاح، فيعتمد ذلك على الكاتب نفسه. بالنسبة لي، ورغم أنني أكتب لذاتي أولا فإنني لا أنكر أن للجوائز والترشيح لها أثر أحدث تغييرا معي. أفكاري لن تتغير حتما، ولكنني أرغب في أن أوصلها بطريقة مغايرة. أنا وإن كنت أضمن عددا معينا من القراء. فاليوم هذا العدد قد تضاعف لا شك. هي رهبة الإقدام على الكتابة لشريحة أكبر، لا يختلف الأمر كثيرا عن مطرب يغني لخمسين مستمعا في بداياته ثم يعتلي خشبة المسرح ليغني لآلاف المستمعين، الأغنيات ذاتها ولكنه يحرص أن يكون أكثر تأثيرا، هذا ما أشعر به تجاه أفكاري التي لا تغيرها الجوائز إنما أريد لها أن تكون أكثر تأثيرا مستغلا بذلك ما كسبته من قراء جدد. الجوائز بشكل عام قيد، ولكنه قيد جميل، أظنه ينصب في صالحي إن أنا أحسنت التعامل مع تبعاتها.
 
** بصراحة.. هل في حال فوزك بالجائزة.. هل سيكون هذا حافزا ودافعا للأفضل.. أم أنه سيكون عبئًا وتحديًا حقيقيًا سيعوقك بعض الشيء قبل الشروع في كتابة عمل جديد؟
* كلاهما. وقبل الحديث عن الفوز لا بد أن أشير إلى قد فزت مرتين، وهذا هو شعوري بلا مبالغة، ففور إعلان القائمة الطويلة اعتبرت نفسي فائزا، وحين وجدتني في القائمة القصيرة، بعد حوالي شهر من إعلان القائمة الطويلة، اعتبرته فوزا ثانيا. لن تعيقني مثل هذه الأمور، ولكن ومن دون شك أنها تحملني مسؤولية أكبر ما يجعلني أتأنى قبل الشروع بالكتابة والنشر، وهذا أمر طبيعي كما أتصور، فرغم أنني أكتب لنفسي ووفق قناعاتي بالدرجة الأولى فإن الضوء الذي أسقطته علي الجائزة يجعلني أكثر حذرا تجاه قارئي المحتمل وحول كيفية ترجمة أفكاري والتعبير عنها.
 
المصدر:


 
 
 
 
 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدينة الأحلام

هلا فبراير .. إلى من يهمه الأمر!

كيف تغني الكويت من دون صوتها؟