سعود السنعوسي: لماذا لا نسأل أنفسنا.. كيف يرانا الآخر؟

محمد حنفي - القبس 30-8-2012
 
 
 
عندما أصدر الروائي الشاب سعود السنعوسي روايته الأولى «سجين المرايا» التي حصل بها على جائزة ليلى العثمان في موسمها الرابع عام 2010 تنبأ الكثيرون بأن هذا الروائي الشاب قادم بقوة إلى مشهد الرواية الكويتية والعربية، السنعوسي لم يخيب الظنون وأصدر منذ اشهر قليلة روايته الثانية «ساق البامبو» التي قوبلت بالكثير من الحفاوة لجرأة فكرتها وبنائها السردي المحكم، القبس التقت السنعوسي وحاورته.

• كيف كانت البداية مع الكتابة وعالم الرواية؟
- الدخول إلى عالم الكتابة كان من باب الصحافة من خلال بعض القصص القصيرة والمقالات والمشاركات في بعض الصحف ومواقع الإنترنت، قبلها كانت القراءة هي الزاد، قرأت روايات الكثير من الأسماء المعروفة عربيا وعالميا وأعتبر فيكتور هوغو أيقونتي.
دخلت عالم الرواية من خلال روايتي الأولى «سجين المرايا»، كنت أحاول أن أكتب رواية وكنت أرغب في ذلك، لم يكن المشروع جادا، ولم تكن نية النشر موجودة، استغرقت كتابة الرواية 4 سنوات كاملة، ولذا فمن يقرأها قد يشعر ببعض التفاوت وربما الإزعاج، كنت أكتب جزءا وأترك الرواية لأعود لها بعد فترة وأكتب جزءا جديدا، عندما فازت الرواية بجائزة ليلى العثمان قلت في حفل تسلم الجائزة «هذه الجائزة ورطة لي»، وبالفعل فقد كانت ورطة جميلة وترددت كثيرا قبل كتابة الرواية الثانية «ساق البامبو».
مشكلة الهوية
• روايتك الثانية موضوعها غير مألوف فبطلها من أب كويتي وام فلبينية ويعاني مشكلة هوية وانتماء، كيف جاءتك الفكرة؟
- ساق البامبو أخذت مني عاما كاملا، كانت الفكرة موجودة في ذهني وخرجت بسهولة، لم اكن أتوقف أثناء الكتابة كما حدث مع روايتي الأولى، لكن قبل الشروع في الكتابة كان الأمر يحتاج إلى الكثير من البحث والدراسة لكل ما يتعلق بثقافة الفلبين التي عاش فيها البطل، ولذا فقد سافرت إلى هناك لأكون قريبا من مسرح الرواية.
• هل سفرك للفلبين كان مخططا له منذ البداية؟
- لم يكن في ذهني السفر، كانت الرواية تبدأ بوصول عيسى او هوزيه إلى الكويت، لكن أعجبتني رواية لإسماعيل فهد اسماعيل بعنوان «بعيدا إلى هنا» وراوية الأحداث خادمة من سيلان، وقد أدهشني صدق التفاصيل في الرواية، وعندما سألت اسماعيل قال انه ذهب إلى سيلان وعايش عن قرب مكان أحداث الرواية لتكون الرواية اكثر صدقا.
ومن هنا قررت الذهاب إلى الفلبين، وقد دهشت منذ اليوم الأول لوصولي هناك عندما اكتشفت ان كل شخص قابلته، خاصة من البسطاء، تصلح حياته موضوعا لرواية كاملة، عرفت المكان وأشخاصه وقرأت عن الفلبين، وتواصلت عن طريق الإيميل مع مجموعة من الفلبينيين كانوا يمدونني بالمعلومات التي أريدها.
أيهما الواقعي؟
• تطرح الرواية الكثير من الأسئلة عن الهوية والانتماء والبحث عن الذات والعلاقة مع الاخر هل وجدت إجابات؟
- لم يكن هدفي البحث عن إجابات ولم أفرض وجهة نظري على القارئ، كل ما قمت به أنني أخذت من خلال الرواية صورة مكثفة للحالة التي نعيشها وتركت الحكم للقارئ، كان السؤال الأهم الذي طالما شغلني يتعلق بنا ككويتيين وخليجيين، فنحن نرى أنفسنا في صورة معينة، لكن السؤال الذي شغلني كيف يرانا الاخر؟ وكيف نكون في عيونهم؟
أيهما الصورة الواقعية: ما نرى فيه أنفسنا أم ما يرانا الآخرون؟ مع ملاحظة ان هذه الصورة التي يرانا فيها الاخرون ليست جيدة، وربما أزعجني ذلك وأزعج الاخرين، لكن بكل صدق وتجرد أقول للأسف ان هذه الصورة النمطية غير الجيدة التي يأخذها عنا الآخرون فيها الكثير من الصحة.
الراوي المؤلف
• لماذا كتبت على صفحة عنوان الرواية الداخلية اسم البطل هوزيه ميندوزا من دون ذكر اسمك كمؤلف؟
- لأن هوزيه ميندوزا هو كاتب الرواية الحقيقي، وفعل الكتابة موجود في الرواية، هوزيه سيكتب روايته في الرواية كما فعل المناضل الفلبيني خوسيه ريزال بكتابة رواية «لا تمسني» التي فضح فيها استبداد المحتل وجرائمه.
• تفتتح روايتك بمقولة لافتة لخوسيه ريزال تقول «لا يوجد مستبدون حيث لا يوجد عبيد» هل هذه هي العبارة المفتاح للرواية؟
- هذه العبارة أعجبتني لكني لم اقصد بها فعل الاستبداد في ذاته، وإنما هي كما تقول أشبه بالمفتاح، فهي تشير إلى أن بطل الرواية هوزيه لو جاء للكويت وهو يشعر من داخله بأنه قوي وسيد وليس عبدا في عائلته الكويتية ما انتابه الضعف وعاد إلى بلاده مرة أخرى يجر ذيول الخيبة.
من الحقيقة إلى الخيال
• هل بعض شخصيات الرواية حقيقية، خاصة أن هناك إشارة في أحد الهوامش للأديب إسماعيل فهد اسماعيل وإشارة أخرى للشاعر الراحل فائق عبدالجليل؟
- اسماعيل هو صديق راشد في الرواية وقد استخدمت اسم اسماعيل كحيلة أدبية، فإسماعيل فهد اسماعيل عاش بالفعل في الفلبين 6 سنوات بعد التحرير كتب خلالها روايته السباعية التي تؤرخ لزمن الغزو «إحداثيات زمن العزلة»، وهو ما فعلته مع شخصية الشاعر الراحل فائق عبدالجليل حيث تلمح طيفه بالرواية من خلال اشتراكه في الأوبريت الوطني أثناء الغزو لحث الشباب على المقاومة، لقد وجدت أن استعارة هذه الأسماء يمنح صورة حقيقية لأبطال الرواية.
• لماذا استعنت بالمترجم الفلبيني إبراهيم سلام والمدققة الكويتية خولة راشد؟
- كانت هناك ضرورة للاستعانة بالمترجم إبراهيم سلام لان هناك أكثر من 30 هامشا تحتاج إلى شرح من متخصص في الثقافة الفلبينية، كما ان كاتب الرواية هو هوزيه ميندوزا وبالتالي من المفروض أن يكتبها بالفلبينية، وهو ما يعني وجود ضرورة للمترجم، كما ان شخصية المترجم ستظهر في نهاية الرواية، كما استعنت بالمدققة خولة راشد لتدقيق الهوامش المتعلقة بالثقافة الكويتية.
النهاية غير السعيدة
• كيف اخترت عنوان الرواية؟
- وضعت في البداية عنوان «الاناناس لا ينمو في الصحراء» وخلال عرض الرواية قبل النشر على مجموعة من الأصدقاء نصحوني بتغيير العنوان لأنه أكثر مباشرة، وفوجئت بأحد الأصدقاء يختار لي ساق البامبو من واقع فقرة تتناول شجر البامبو بالرواية وقد أعجبني العنوان.
• في نهاية الرواية عاد هوزيه إلى بلاده الفلبين فهل هذه رسالة بأنه لا أمل في التواصل مع الاخر ومد جسور معه؟
- كان من الممكن أن تنتهي الرواية على غرار الأفلام العربية نهاية سعيدة، لكن وجدت أن هذه هي النهاية الواقعية، يعود هوزيه إلى بلاده بعد أن اصطدم بعائلته الكويتية من دون أن ينصفه أحد حتى أخته.
• هل تستعد للراوية الثالثة؟
- بالفعل اعمل حاليا على التخطيط لروايتي الثالثة، حيث اعكف حاليا على قراءة ودراسة بعض المراجع المتعلقة بالموضوع لكني لم أبدأ في الكتابة بعد.
 
نشرت في:
 

 
 
 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدينة الأحلام

هلا فبراير .. إلى من يهمه الأمر!

كيف تغني الكويت من دون صوتها؟