انهم يكرهوننا!

سعود السنعوسي:

أتألم كثيرا حين ألمس تلك الكراهية والشعور المعادي من البعض تجاه الكويت وكل ما هو كويتي، وهذا ما ألاحظه حين أتصفح المنتديات العربية والخليجية أو من خلال متابعتي للقنوات الإخبارية والبرامج السياسية أو حتى من خلال تبادل الحديث و "السوالف" مع البعض من أصدقائي العرب، وأحاول جاهدا أن أدرك سبب ذلك الشعور.
لا شك أن للإعلام دور مهم في عكس صورة الدول والشعوب للعالم، وقد يكون للإعلام الكويتي دور أساسي في تشويه صورة الكويت والكويتيين للعالم الخارجي، وأنا هنا لا أعني المعنيين في وزارة الإعلام بل الشخصيات الإعلامية والسياسية ككتاب ومحللين سياسيين وفنانين بل وحتى الشخصيات الرياضية.
فعلى سبيل المثال، قد يرى البعض أن ارتفاع سقف الحرية في الصحافة -لست متأكدا من ارتفاعه- يكفل التجريح والتدخل في شئون الغير، مع أن الحرية الصحفية، من وجهة نظري على الأقل، تكمن في النقد البناء وإبداء الرأي والمناداة بالإصلاح بما يعود على البلاد والعباد بالخير والمنفعة، لا للتدخل في شؤون الغير إلا بما قد يكون في الصالح العام وإلا فليلتزم كتابنا الصمت.
إن فهمنا الخاطئ للحرية جعلنا نتعدى على الغير دون وعي أو إدراك تحت ذريعة حرية إبداء الرأي، قد يكون من واجبنا أحيانا انتقاد الغير بل وشن الحملات الشرسة للدفاع عن وطننا إذا ما تعرض أحدهم إليه بسوء، ولكن ما شأننا نحن في علاقة الحاكم الفلاني بشعبه أو بسياسته الداخلية أو بعلاقته مع أميركا؟ والمفارقة الغريبة حين نقيم الدنيا ولا نقعدها إذا ما تعرض أحدهم للكويت بسوء أو حتى بتعليق قد لا يعجبنا، وهنا لابد وأن تنتفض الصحف ويستل الكاتب قلمه من غمده ليكتب الجملة المأثورة: هذه شؤون داخلية ولا نسمح للدولة الفلانية أن تتدخل في ما لا يعنيها.. شيء غريب فعلا!
أشعر بالحزن أحيانا لاهتمام البعض بما يحصل في الخارج وانصرافه عن مشاكلنا الداخلية التي تحتاج لوقفة، بل وقفات جادة لإصلاحها. نعم قد يكون للمشاكل الخارجية، وخصوصا في دول الجوار، تأثير على أمن واستقرار الكويت، ولكن من واجبنا أولا أن نزرع مفهوم الوحدة الوطنية في الداخل، فما فائدة هجومنا على السيد حسن أو أبو مازن وأبو توفيق وأبو محمود وأبو زهدي .. وأبو مصطفى؟! أو "لقافتنا" في تحليل أوضاع العراق ومشاكل السنة والشيعة هناك؟ فلنحلل مشاكلنا أولا، فالعمل على توحيد سنة وشيعة الكويت هو الأولى والاهم قبل أن تصحو الفتن أو بالأحرى قبل أن تتضخم لأنها في الأساس "صاحية ومبحلقة عيونها وحاطة ريل على ريل وناطرة الزلة" وإذا ما تمكنا من زرع الاستقرار في الداخل فلنلتفت بعدها نحو الجيران ومشاكلهم.
هذا على الصعيد السياسي أما على الصعيد الفني فليسمح لي القارئ الكريم بأن أطلق عليها قمة المسخرة وقلة الأدب. أتذكر في أحدى السنوات قام الممثل المصري محمد هنيدي بتجسيد شخصية امرأة خليجية فقامت الدنيا في ذلك الوقت ولم تقعد، كما قام محمد صبحي في أحدى مسرحياته بتقليد الخليجيين فاستنكر البعض كيف لمستر هنيدي ومسيو صبحي أن "يتطنزون" على الخليجيين وعلى الزي الوطني الخليجي و .. و الخ، في حين يتحفنا الفنانين، هنا، في مسرحياتهم وأعمالهم في كل رمضان بتقليد "الفلسطينيين والعراقيين والمصريين والسعوديين والإيرانيين والسودانيين .. والموزمبيقيين" والسخرية من ثيابهم ولهجاتهم وأشكالهم .. كل ذلك دون أن يزعل منا أحد، فما هي مشكلتنا هنا في الكويت؟
هذا بالإضافة إلى تصريحات رياضيينا "الأشاوس" الذين حولوا الهدف من الدورات والبطولات والتجمعات الرياضية من فرصة لالتقاء الشعوب والتفافها حول بعضها البعض من أجل المنافسة الشريفة إلى حرب ضروس يتقاتل فيها الأشقاء بالتصريحات النارية كل ذلك من أجل كأس أو ميدالية أو لقب لا يسمن ولا يغني من جوع.
أعتقد لتلك الأسباب يكرهنا البعض، بسبب تدخلنا أحيانا بشؤون الغير، وبسبب التصريحات غير المسؤولة التي يطلقها البعض، وبسبب غرورنا وتعالينا في بعض الأحيان ظنا منا بأن هذا الغرور هو تعبير عن حبنا لهذا الوطن .. وهذا مفهوم خاطئ دون شك، فكي نثبت حبنا لوطننا فلنجعل من حولنا -العرب وغيرهم- يحترمون هذا الوطن ولنجتهد لنعكس صورة الكويت الحقيقية.
في النهاية أتمنى أن نلتفت لهمومنا الداخلية أولا، ثم نعمل على تحسين علاقاتنا الخارجية، فالأحقاد تعدت الأنظمة ووصلت للشعوب، ومن بعدها فلنأخذ "فرّة" على دول الجوار لنتفلسف عليهم ونقدم لهم المشورة ونساعدهم بحل مشاكلهم الداخلية.

نشرت في:
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مدينة الأحلام

هلا فبراير .. إلى من يهمه الأمر!

كيف تغني الكويت من دون صوتها؟