ما بيني.. وبيني
متران وتسعة وعشرون عامًا سعود السنعوسي: كان يوم جمعة، الساعة تشير إلى الواحدة والنصف صباحاً. يكاد الظلام أن يبتلع المكان لولا النور المنبعث من المصباح المعلق في زاوية الغرفة. والنوم، يجلس في زاوية أخرى، إلى جانب الخزانة، يترقب استسلامي له، بعد أن جاوزت الساعة موعده المعتاد. فوق سريري أضطجع، على جانبي الأيسر، وإلى جانبي، فوق السرير، يستلقي دفتري هذا مفتوحاً بانتظار كلماتي التي سأرسمها على صفحاته كالوشم. أمامي، على يسار السرير، تستند صورة قديمة. الصورة بالحجم الطبيعي لطفل في عامه الأول يجلس على الأرض، ممسكا بقلم. وكأنه يجلس على أرض غرفتي، فالصورة تستند على جدار الغرفة، فيما إطارها السفلي يلامس الأرض. لا وجه للشبه بيني وبين الصورة سوى الدهشة المرسومة على وجهينا، والقلمين اللذين نمسك بهما بين أصابعنا. تفصل ما بيني وبين الصورة مسافة مترين، وزمن يقارب التسعة والعشرين عاماً. أتجاوز المسافة بنظري لأرى وجه ذلك الطفل في الصورة، ثم أغمض عينيّ، والنوم في زاوية الغرفة يهم باحتضاني لولا قلمي ودفتري المفتوح، والتعبيرات التي احتلت ملامح وجهي. نبّهني الطفل، في الصورة، إ...